للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذكر اسم الله تعالى عليها سيما بعد ورود الأمر به إِنَّ اللَّهَ المطلع بجميع حالاتكم سَرِيعُ الْحِسابِ شديد العقاب لمن لم يمتثل بأوامره ولم يجتنب عن نواهيه

الْيَوْمَ اى حين انتشر وظهر دينكم على عموم الأديان كلها قد أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ المذكورة المحللة فيها وَايضا طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ اى اليهود والنصارى وذبائحهم حِلٌّ لَكُمْ في دينكم وَكذا طَعامُكُمْ واطعامكم حِلٌّ لَهُمْ لأنهم من ذوى الملل واولى الأديان وَكذا قد أحل لكم الْمُحْصَناتُ الحرائر العفائف مِنَ الْمُؤْمِناتِ اى نكاحكم اياهن وَكذا الْمُحْصَناتُ ايضا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مهورهن بلا تنقيص وتكسير حال كونكم مُحْصِنِينَ محافظين على حقوق الزواج والنكاح غَيْرَ مُسافِحِينَ مجاهرين بالزنا وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ مستترين به وَمَنْ يَكْفُرْ منكم وينكر بِالْإِيمانِ وبلوازمه وحدوده الدالة على صحته فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ الذين ضل سعيهم في الحيوة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا ثم لما بين سبحانه ما يتعلق بمعاش عباده من الحل والحرمة والزواج والنكاح وحسن المعاشرة ورعاية الآداب والحقوق المشروعة فيها أراد ان يرشدهم الى طريق الرجوع نحو المعاد الذي هو المبدأ بعينه ليميلوا اليه ويتوجهوا نحوه على نية التقرب الى ان وصلوا بل اتصلوا

فقال مناديا لهم يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا وأيقنوا بوحدة ذات الحق وتنزهه عن وصمة الكثرة مطلقا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اى إذا قصدتم ان تخرجوا عن بقعة الإمكان مهاجرين وأردتم ان تميلوا نحو فضاء الوجوب متحننين متشوقين فَاغْسِلُوا أولا اى فعليكم ان تغسلوا بماء المحبة والشوق والجذب الإلهي المحبى المنبت نبات المعارف والحقائق من أراضي استعداداتكم ومزارع تعيناتكم وُجُوهَكُمْ التي تلى الحق عن رين الإمكان وشين الكثرة مطلقا وَطهروا أَيْدِيَكُمْ ثانيا اى قصروها عن ادناس الأخذ والإعطاء من حطام الدنيا ونظفوها عن اقذارها إِلَى الْمَرافِقِ اى مبالغين في تطهيرها الى أقصى الغاية وَبعد ما غسلتم الوجوه وطهرتم الأيدي امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ اى امحوا وحكوا انانيتكم وهويتكم التي منها طلبكم واربكم وبسببها ومقتضاها تعبكم في الدنيا وَامحوا ايضا أَرْجُلَكُمْ واقطعوا اقدامكم التي بها سلوككم واقدامكم نحو مزخرفاتها إِلَى الْكَعْبَيْنِ مبالغين فيها الى ان ينقطع توجهكم وطلبكم عن غير الحق ويتمحض سيركم وسلوككم بالفناء في الله وَإِنْ كُنْتُمْ ايها المائلون نحو الحق جُنُباً منغمسين في خبائث الإمكان وقاذوراتها غاية الانغماس فَاطَّهَّرُوا اى فعليكم المبالغة في التطهير بالرياضات الشاقة والمجاهدات الشديدة القالعة لعروق التعلقات واصول المألوفات والمشتهيات وبالركون الى الموت الإرادي والخروج عن الأوصاف البشرية مطلقا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى اى من الأبرار الذين مرضوا بسموم الإمكان ويحموم نيرانه وصاروا محبوسين مسجونين فيه بلا قدم واقدام أَوْ عَلى سَفَرٍ من السالكين السائرين نحو الحق بلا بدرقة الجذبة أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ اى عاد ورجع عن التدلس والتلوث بغلاظ ادناس الدنيا من جاهها ومالها ورئاستها أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ التي هي كناية عن الدنيا الدنية ومزخرفاتها البهية وشهواتها الشهية واستكرهتموهن لأنهن من أقوى حبائل الشيطان وشباكها يصرف بها اهل الارادة عن جادة السلامة فَلَمْ تَجِدُوا في عموم هذه الصور المذكورة من لدن نفوسكم وقلوبكم ماءً اى محبة وشوقا الى الحق مطهرا

<<  <  ج: ص:  >  >>