للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى يتخلصوا من عذابه سيما في تلك الحالة وبالجملة هؤلاء الضالون سيقوا نحو النار وطرحوا فيها مهانين وجذبوا إليها صاغرين خالدين. ثم اردف سبحانه وعيد المكذبين بوعد المصدقين فقال

إِنَّ الْمُتَّقِينَ المتحفظين على نفوسهم من الشرك ومن عموم المعاصي المصدقين بيوم الذين والجزاء مستغرقون في بحار الانعام والإحسان يومئذ متنعمون بأنواع التنعم والترفه إذ هم حينئذ متمكنون متكؤن فِي ظِلالٍ ممدودة من ظلال البساتين وَعُيُونٍ جارية فيها

وَفَواكِهَ كثيرة في حواليها مِمَّا يَشْتَهُونَ ويقال لهم حينئذ تلطيفا وتكريما

كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً لكم مريئا كل ذلك بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ في النشأة الاولى من الأعمال الصالحة والأخلاق المرضية المثمرة لتلك الحالات العلية والمقامات السنية وبالجملة

إِنَّا كَذلِكَ اى مثل ما أنتم عليه من الترفه والتنعم نَجْزِي عموم الْمُحْسِنِينَ المخلصين في الأعمال والأخلاق الراضين بما جرى عليهم من مقتضيات قضائنا وبالجملة

وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ لكم ايها المخلصون المهتدون هذا النعيم المقيم ولهم ذلك العذاب الأليم. ثم يقال على سبيل الفرض والتقدير للمكذبين من قبل الحق زجرا عليهم وتوبيخا لهم بما اختاروا اللذة الفانية على اللذة الباقية كأنهم قد أمروا به في النشأة الاولى وقيل لهم على سبيل التهديد فيما مضى

كُلُوا من حطام الدنيا حيث شئتم رغدا واسعا وافرا وَتَمَتَّعُوا بامتعتها زمانا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ بالجرائم العظيمة مؤاخذون عليها بالآخرة في النشأة الاخرى بشؤم تكذيبكم بما أمرتم بتصديقه وبالجملة

وَيْلٌ عظيم يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ وهم قد عرضوا أنفسهم على العذاب المخلد المؤبد

وَكيف لا يؤاخذون أولئك المعاندون المكابرون إذ هم قد كانوا من كمال استكبارهم وعتوهم إِذا قِيلَ لَهُمُ امحاضا للنصح ارْكَعُوا اى تواضعوا لأمر الله واخضعوا له سبحانه وانقادوا لحكمه وصلوا نحوه متذللين وهم لا يَرْكَعُونَ من غاية استكبارهم واستعظامهم ولا يمتثلون لحكم الله وأوامر رسله ولا يطيعونهم تعنتا وعنادا بل يكذبونهم ويستهزؤن بهم لذلك يحل عليهم

وَيْلٌ عظيم يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ المستهزئين برسل الله الظاهرين عليهم بالإساءة والاستكبار المنكرين المكذبين بعموم ما نزل عليهم من الكتب المبينة لمعالم الدين ومراسم التوحيد واليقين بعد ما لم يؤمنوا أولئك الضالون المكذبون بهذا الكتاب المبين المبين بطريق الحق ومنهج الصدق والصواب

فَبِأَيِّ حَدِيثٍ وكلام مصلح مرشد هادلهم منقذ إياهم من الضلال بَعْدَهُ اى بعد القرآن يُؤْمِنُونَ أولئك المنكرون المعاندون المفسدون المفرطون. جعلنا الله ممن آمن به وامتثل لما فيه وتفطن برموزه وإشاراته بمنه وجوده

[خاتمة سورة المرسلات]

عليك ايها الموحد المحمدي القاصد لسلوك طريق الهداية والتوفيق العازم والجازم على التحقق والتمكن في مقعد صدق التوحيد والتحقيق يسر الله عليك مبتغاك وأوصلك الى غاية متمناك ان تتمسك بالحبل المتين القرآنى وتتشبث بأذيال هدايته وإرشاده وتمتثل بما فيه من الأوامر والنواهي والاحكام الموردة كي تتفطن أنت بما رمز فيه وأشير اليه من المعارف والحقائق المصفية لسرك عن الالتفات الى ما سوى الحق المعدة قلبك لفيضان الكشف والشهود فلك ان تتبتل الى الله حسب استعدادك وتتخلق بالأخلاق المحمدية التي هي القرآن المنزل الموروث الموهوب له من ربه

<<  <  ج: ص:  >  >>