للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ربك عن شوب مطلق الريب والتخمين بذكر اسمه العظيم المستجمع لعموم أسمائه الحسنى وصفاته العليا فإنك يا أكمل الرسل متمكن على مرتبة الحق اليقين في مطلق اسماء الله وصفاته. جعلنا الله ممن اتصف بحق اليقين وخلص عن امارات الريب والتخمين وسلّم من التردد والتلوين بمنه وجوده

[خاتمة سورة الواقعة]

عليك ايها السالك القاصد لانكشاف مراتب الوجود بطريق الكشف والشهود والاطلاع على ما فيها من شوائب الكفر والجحود والانحراف عن الطريق المعهود الذي نزل بتبيينه الكتب والرسل ان تتأمل في عموم أوقاتك وحالاتك بما في هذه السورة العظيمة الشأن البديعة البرهان وتعرض على نفسك دائما احوال الفرق الثلاثة المذكورة فيها وتذكرها عليها حتى يظهر لك انك مع من هو من هؤلاء الفرق اما من السابقين المقربين المقبولين أم من اصحاب اليمين الموفقين المحسنين أم من المكذبين الضالين المعذبين وبالجملة اعبد ربك حتى يأتيك اليقين

[سورة الحديد]

[فاتحة سورة الحديد]

لا يخفى على من تحقق بوحدة الحق وانكشف بقضاء صمديته وسعة مملكته واستيلاء بسطته وسلطنته الغالبة ان عموم ما ظهر وبطن غيبا وشهادة انما هي من الذاتية وتجلياته الجمالية والجلالية المترتبة على أسمائه وصفاته الذاتية والفعلية لذلك نطقت بوحدته ألسنة عموم مظاهره ومصنوعاته ونزهته عما لا يليق بشأنه كما اخبر سبحانه عن تسبيحهم تنبيها وإرشادا لعباده وحثا لهم الى التوجه والرجوع نحو بابه فقال بعد ما تيمن باسمه الأعلى بِسْمِ اللَّهِ الذي ظهر على عموم ما ظهر وبطن بمقتضى التجلي الحبى الرَّحْمنِ عليهم بسعة رحمته ووفور جوده وإحسانه الرَّحِيمِ لخواص عباده يوصلهم الى فضاء توحيده

[الآيات]

سَبَّحَ لِلَّهِ الواحد الأحد الصمد المستقل بالقيومية والبقاء المتفرد بالتحقق والثبوت على وجه الديمومية الحي الحقيق بالالوهية والرب اللائق بالربوبية مظاهر ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ من الكوائن العلوية والسفلية الغيبية والشهادية ونزهه عن مطلق النقائص المنافية لوجوب وجوده وصرافة وحدته الذاتية بعد ما اعترفت ألسنة استعدادات الكل بربوبيته طوعا واشتغلوا بلوازم عبوديته رغبة وَكيف لا يسبحونه ولا يعظمونه سبحانه مع انه هُوَ الْعَزِيزُ الغالب القادر المقتدر على وجوه الانعام والانتقام الْحَكِيمُ المتقن في ايجادهما وإظهارهما على وفق الارادة والاختيار

لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى مؤثرات الفواعل العلوية التي هي عبارة عن آثار الأسماء والصفات الإلهية المعبرة بالأعيان الثابتة ومتأثرات القوابل السفلية التي هي عبارة عن استعدادات الطبائع والهيولى المنفعلة منها إذ هو سبحانه بتوحده واستقلاله يُحْيِي وَيُمِيتُ اى يتصرف في ملكه وملكوته بالاحياء والاماتة والنزع واللبس بالإرادة والاختيار وَبالجملة هُوَ سبحانه عَلى كُلِّ شَيْءٍ دخل في حيطة حضرة علمه ولوح قضائه قَدِيرٌ بالقدرة التامة الكاملة مع انه لا يعزب عن حيطة حضرة علمه الحضوري ذرة مما لمع عليه برق وجوده الوحدانى حسب جوده الفردانى وكيف لا يقدر سبحانه على التصرف بالاستقلال والاختيار في ملكه وملكوته إذ

هُوَ الْأَوَّلُ الأزلى السرمدي السابق في الوجود والتحقق وَكذا هو ايضا الْآخِرُ الأبدي الدائم المستمر فيه بلا انقضاء

<<  <  ج: ص:  >  >>