للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم منها في حال من الأحوال. هب لنا من لدنك جذبة تنجينا عن مضيق الجهل والضلال وتوصلنا الى سعة العلم وفضاء الوصال نحمدك على كل حال ونستعيذ بك منك ومن جميع الأهوال

[خاتمة سورة الروم]

عليك ايها المحمدي المتحقق بمراتب اليقين العلمي والعيني والحقي مكنك الحق في مقر لاهوتك وجنبك عن لوازم ناسوتك مطلقا ان تتصبر على اذيات اصحاب التقليدات والتخمينات وتتحمل على تشنيعات ارباب الظنون والجهالات المترددين في تيه الجهل والضلال بمتابعة الوهم والخيال وتصفى خاطرك وضميرك عن معارضتهم ومقابلتهم والبغض معهم والالتفات إليهم مطلقا إذ هم قوم قد خذلهم الله واحطهم عن الرتبة الانسانية التي هي التحقق بمقام اليقين والعرفان والتمكن على مرتبة الخلافة والنيابة من الرحمن المستعان والتخلق بخلق الحنان المنان وأسكنهم في مضيق الإمكان مقيدين بسلاسل التقليد وأغلال الحسبان لا نجاة لهم منها ابدا وعليك ان تتوجه بوجه قلبك الى ربك وتفوض أمورك كلها اليه وتتخذه وكيلا وتجعله حسيبا وكفيلا فانه سبحانه يكفيك ويكف عنك مؤنة شرور أعدائك وحاسديك ولك التبتل والانقطاع الى الله في كل الحالات والرجوع نحوه في عموم المهمات والملمات إذ ما من خير يسرك ويفرحك وشر يؤلمك ويضرك إلا منه بدأ وبقدرته ظهر وعلى مقتضى علمه صدر وبموجب حكمته جرى وقدر فلك ان تسترجع اليه وتتضرع نحوه وتستعيذ به منه إذ الكل من عنده لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم

[سورة لقمان]

[فاتحة سورة لقمان]

لا يخفى على من تحقق بالمرتبة الحكمية العلية من مقامات مسالك التوحيد وتمكن عليها مطمئنا راضيا مداوما على الميل المعنوي والتوجه التام بعموم الجوارح والأركان نحو الحق مسقطا عن نفسه جميع ما يشغله عن التوجه والالتفات الى المبدأ الحقيقي والمنشأ الأصلي على الوجه الأتم الأكمل ان الوصول والتحقق بمرتبة التوحيد والهداية الحقيقية الحقية والتمكن في مقر الاطمئنان واليقين والنيل الى شرف الفناء في الله والبقاء ببقائه انما يحصل برفع الموانع ورفض الرسوم والعادات العائقة عن ادراك السعادات ونيل المرادات وذلك لا يتم الا بعد نزع خلعة الناسوت مطلقا وترك مقتضيات الأوصاف البشرية والقوى الجسمانية رأسا وذلك لا يتيسر الا بارتكاب متاعب الطاعات ومشاق التكليفات القاطعة القالعة عرق التعلقات المرتكزة في القوى البشرية واصول اللذات الوهمية اللازمة للنفوس البهيمية والهياكل الهيولانية المستحدثة من خبث الطبيعة المكدرة بادناس الإمكان المفضى بالطبع الى الدناءة والنقصان وانواع الخساسات والخسران والخلاص عن أمثال هذه الموانع والشواغل العائقة لا يتيسر ولا يحصل الا بتوفيق الله وجذب من جانبه وارشاد مرشد نبيه مؤيد من عنده سبحانه بالدلائل والتنبيهات وانواع المعجزات والتبيينات الخارقة للعادات ولهذه المصلحة العلية والحكمة السنية خاطب سبحانه حبيبه صلّى الله عليه وسلّم بما خاطب بعد ما تيمن بذكره الأجل الأعلى بِسْمِ اللَّهِ الذي انشأ ينابيع الحكمة في قلوب أنبيائه وأوليائه واجرى على ألسنتهم انهار المعارف والحقائق المنتشئة منها إرشادا لعموم عباده الرَّحْمنِ عليهم بإرسال الرسل المؤيدين من عنده بنزول

<<  <  ج: ص:  >  >>