للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اوصافك البشرية بموتك الإرادي الاختياري وهو انما يحصل بالرياضات الشاقة القالعة لدرن الهوى والغفلات وبترك الرسوم والعادات الراسخة في نفوس اصحاب الجهالات وبالركون الى العزلة والخمول والخلوات والانقطاع عن رسوم اصحاب التخمينات والتقليدات والتبتل نحو الحق في عموم الأوقات والحالات. وفقنا الله وإياكم بسلوك طريق التوحيد ورزقنا الوصول الى منزل التجريد والتفريد وجعلنا من زمرة اهل المحبة والولاء الوالهين في مقام التمجيد والتحميد انه سبحانه قريب مجيب حميد مجيد

[سورة الكهف]

[فاتحة سورة الكهف]

لا يخفى على المحققين المحمديين المتحققين بمقام المعرفة والتوحيد بمتابعته صلّى الله عليه وسلّم المسترشدين من القرآن المجيد المنزل عليه المفصل لمرتبته صلّى الله عليه وسلّم الموضح لشأنه في المعارف والحقائق والمكاشفات والمشاهدات المبين لعروجه الى معارج العنايات الإلهية وسلوكه في مسالك توحيده على الاستقامة والاعتدال بلا عوج وانحراف ان من وفق من عند الله على سلوك طريق التوحيد من ارباب العناية قد ظهر عليه ولاح دونه استقامة القرآن المنزل على العدالة والقسط الإلهي وبراءته عن العوج والانحراف وكذا اعتدال اخلاق النبي صلّى الله عليه وسلّم ومقابلته ومطابقته إياه في الاستقامة والاستواء إذ هو منزل من عنده سبحانه بمقتضى استعداده صلّى الله عليه وسلّم على وفق مرتبته الجامعة لجميع مراتب الأنبياء والرسل الهادين المهديين إذ هي مبدأ جميع المراتب ومنتهاها ايضا لذلك كمل ببعثته وإرساله صلّى الله عليه وسلّم امر الدين وختم بإقامته صلّى الله عليه وسلم باب الرسالة والتشريع وقد سد بانزال القرآن عليه باب التنزيل والتبيين مطلقا لذلك قد وجبت له صلّى الله عليه وسلّم ولجميع من آمن له واقتفى اثره مواظبة حمد الله والاقامة بأداء شكره على انعام هذه النعمة الجليلة التي هي نعمة القرآن الفارق بين ارباب اليقين والعرفان وبين اصحاب الزيغ والطغيان لذلك اخبر سبحانه بالحمد على نفسه تعليما له صلّى الله عليه وسلّم وإرشادا لامته فقال سبحانه متيمنا باسمه العلى العظيم بِسْمِ اللَّهِ الذي تجلى بذاته باعتبار اتصافه بعموم أوصاف الكمال لعبده الذي قد انتخبه واصطفاه من بين عباده بمقتضى الكرم والإفضال الرَّحْمنِ على عموم عباده بإرسال هذا العبد رسولا إليهم هاديا لهم الى درجات الكمال الرَّحِيمِ لهم يوصلهم بإرشاد حبيبه عليه الصلاة والسّلام الى زلال الوصال

[الآيات]

الْحَمْدُ المشتمل المتضمن على عموم الاثنية والتوصيف بالأوصاف الجميلة والنعوت الجليلة مطلقا حقيق لائق لِلَّهِ اى للذات المستجمع لجميع أوصاف الكمال المستحق لعموم المحامد استحقاقا ذاتيا ووصفيا الجميل الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ المستجمع لجميع مراتب الكمال المستظل بظل الألوهية المستحق لرتبة الخلافة والنيابة عنه سبحانه بالأصالة يعنى محمدا صلّى الله عليه وسلّم الْكِتابَ الجامع لجميع أوصاف الكمال اجمالا وتفصيلا المشتمل على عموم الاحكام والأخلاق المتعلقة لها المترتبة عليها في النشأة الاولى والأخرى مع كونه محتويا على عموم ما في الكتب السالفة من الأوامر والنواهي مع زيادات قد خلت عنها تلك الكتب من الرموز والإشارات المتعلقة بالتوحيد الذاتي المسقط لعرق الإضافات والكثرات مطلقا وَبين لهم فيه طريق التوحيد الذاتي على الوجه الأعدل الأبلغ الأتم الأقوم بحيث لَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً وانحرافا في تبيينه

بل قد جعله قَيِّماً مستقيما معتدلا بين طرفي

<<  <  ج: ص:  >  >>