للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توبته وبالجملة

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ المخلصون هم الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وأخلصوا في ايمانهم وإذعانهم ليصلوا الى مرتبة التوحيد المسقط لعموم الإضافات ثُمَّ بعد ما آمنوا وأخلصوا لَمْ يَرْتابُوا ولم يشكوا قط فيما آمنوا وَمع ذلك جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مع اعداء الله أُولئِكَ السعداء المقبولون عند الله هُمُ الصَّادِقُونَ المقصورون على الصدق والإخلاص الفائزون عند ربهم بأنواع الفوز والفلاح المتمكنون في مقعد صدق عند مليك مقتدر على عموم الانعام والإفضال

قُلْ لهم يا أكمل الرسل بعد ما أظهروا الايمان الجعلى بألسنتهم ولم يواطئ عليه قلوبهم أَتُعَلِّمُونَ وتخبرون ايها الجاهلون اللَّهَ المطلع لعموم السرائر والخفايا بِدِينِكُمْ وايمانكم هذا وَالحال انه اللَّهَ سبحانه يَعْلَمُ بعلمه الحضوري جميع ما فِي السَّماواتِ من الغيوب والشهادات وَجميع ما فِي الْأَرْضِ ايضا كذلك وَبالجملة اللَّهَ المحيط بالكل بِكُلِّ شَيْءٍ دخل في حيطة الوجود عَلِيمٌ لا يعزب عن حضرة علمه شيء مما لمع عليه برق الوجود بمقتضى الجود. ثم قال سبحانه تعليما لحبيبه وإرشادا

يَمُنُّونَ عَلَيْكَ يا أكمل الرسل أَنْ أَسْلَمُوا اى بإسلامهم ودخولهم في السلم مع انهم ليسوا في أنفسهم مؤمنين مذعنين قُلْ يا أكمل الرسل في جوابهم إلزاما وتبكيتا لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ اى بإسلامكم هذا ولا تعدوا انفسكم من جملة المؤمنين بمجرد ما تفوهتم بالإيمان بَلِ اللَّهُ العالم بعموم السرائر والخفايا يَمُنُّ عَلَيْكُمْ على أَنْ هَداكُمْ وأرشدكم لِلْإِيمانِ المثمر للعرفان المستلزم للكشف والعيان إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في ايمانكم وفي اذعانكم ومواطأة قلوبكم مع ألسنتكم ومطابقتها لها مع انكم لستم كذلك ايها الحمقى الهلكى التائهون في تيه الكفر والنفاق وبالجملة

إِنَّ اللَّهَ المطلع بما في ضمائر عباده من الثقة والإخلاص يَعْلَمُ بحضرة علمه الحضوري غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بحيث لا يغيب عن حضوره وشهوده شيء منها وَبالجملة اللَّهَ المراقب بعموم أحوالكم واطواركم بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ من الأعمال خيرا كان او شرا يجازيكم بمقتضى بصارته وعلمه. جعلنا الله من زمرة المؤمنين المخلصين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون

[خاتمة سورة الحجرات]

عليك ايها الموحد المحمدي المتحقق بمقام التوحيد الذاتي مكنك الله في مقر عزتك وتمكينك ان تترفع بنفسك عن مطلق الرذائل المتعلقة بالأهوية الفاسدة والأماني الكاسدة سيما عن المن والأذى في الانفاق وغيره وعن رعونات السمعة والرياء في مطلق الطاعات والعبادات وإياك إياك ان تتفوق على احد من بنى نوعك واخوانك في عموم حالاتك وازمانك فانه من شيم اصحاب النخوة والكفران المورث لهم انواع الخيبة والخسران واصناف الخذلان والحرمان فلك ان تلازم التواضع والانكسار مع عموم المظاهر والمجالى الإلهية والاعتزال عن مطلق اصحاب الجاه والاعتبار وعليك بالقناعة مع الكفاف والعزلة مع العفاف والاجتناب عن الخلطة والائتلاف والاتصاف بالانصاف وبترك الأوصاف. جعلنا الله ممن ثبت على منهج الصدق والصواب واجتنب عما ينافيه بتوفيق من لدنه وتيسيره

<<  <  ج: ص:  >  >>