للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحقي المفنى لعموم التعينات مطلقا

وَمن جملة الاحكام الموضوعة فيكم لإصلاح حالكم ان لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ اى لا يأكل كل منكم مال الآخر بِالْباطِلِ اى بسبب الباطل الغير المبيح له أكل مال الغير من السرقة والغصب والربوا والرشوة والحيل المنسوبة الى الشرع افتراء ومراء الى غير ذلك مما ابتدعه المتشيخة والفقهاء في الوقائع من الشبه والمخائل ونسبوها الى السمحة السهلة البيضاء المحمدية المنبئة عن الحكمة الإلهية المنزهة عن أمثال تلك المزخرفات الباطلة وَايضا من جملة الاحكام الموضوعة ان لا تُدْلُوا بِها اى لا يحاول بعضكم مال البعض إِلَى الْحُكَّامِ المسلطين عليكم اى لا يفترى بعضكم بعضا افتراء يوقع بينكم العداوة والبغضاء المفضية الى المصادرة والحكومة المستلزمة لاخذ المال من الجانب او من الجانبين لِتَأْكُلُوا اى بالتحاكم إليهم فَرِيقاً اى بعضا او كلا مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ المظلومين بِالْإِثْمِ الصادر عن المدلى المفترى منكم وَأَنْتُمْ ايها المدلون تَعْلَمُونَ انكم آثمون مفترون بك نعتصم عن أمثاله يا ذا القوة المتين.

ثم لما قدر سبحانه في سابق علمه الحضوري سؤال أولئك السائلين عن كمية ازدياد القمر وانتقاصه وبدوه دقيقا رقيقا واستكماله بدرا ورجوعه على ما كان عليه اخبر نبيه صلّى الله عليه وسلم عما سيسألون إلحاحا واقتراحا امتنانا عليه فقال يَسْئَلُونَكَ ايها الداعي للخلق الى الحق بالحق لترويج الحق عَنِ الْأَهِلَّةِ اى عن كمية اختلافها كمالا ونقصانا قُلْ لهم في جوابهم كلاما ناشئا عن محض الحكمة مطابقا لأسلوب الحكيم مقتضى حالكم وادراككم ان تسئلوا عن الحكم والمصالح المودعة فيها لا عن كمية امر القمر فإنها خارجة عن طوق البشر وطور إدراكه سيما عن احلام العوام إذ نهاية مدرك العقلاء من القمر ان نوره مستفاد من الشمس وانه مظلم في ذاته وان استفادته النور من الشمس بحسب مقابلته لها وعدم ممانعة الأرض منها واما ان الشمس ما هي في حد ذاتها والقمر ما هو والارتباط بينهما على اى وجه فسر لا يحوم حوله احد من خلقه بل هو مما استأثر الله به في علمه فلا يسأل عنه احد بل هِيَ اى الاختلافات الواقعة في القمر زيادة ونقصانا ترقيا وتنزلا لأجل انه مَواقِيتُ معينة لِلنَّاسِ في امور معاشهم من الآجال المقدرة لقضاء الديون والعدة والتعليقات المتعلقة بها وغير ذلك من التقديرات الجارية في المعاملات بين الناس في العادات والعبادات وَخصوصا في الْحَجِّ والصوم والنذور المعينة والكفارات فإنها تضبط كلها باختلافات القمر الى غير ذلك من العبادات الموقتة وَكما ان سؤالكم هذا ليس من الأمور المبرورة المتعلقة بدينكم كذلك لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها لا من ابوابها وذلك ان الأنصار كانوا إذا أحرموا لم يدخلوا من أبواب البيوت بل يثقبون ظهورها ويدخلون منها ويعدون هذه الفعلة من الأمور المبرورة ويعتقدونها كذلك الى حيث نبه سبحانه على خطاهم وارشدهم الى البر الحقيقي بقوله وَلكِنَّ الْبِرَّ المقبول عند الله بر مَنِ اتَّقى عن محارم الله مطلقا حين لبس الإحرام إذ الإحرام للموت الإرادي المعبر بلسان الشرع بالحج بمنزلة الكفن للموت الطبيعي فكما ان لابس الكفن محفوظ عن جميع المحارم اضطرارا كذلك لابس الإحرام لا بدان يحفظ نفسه عن جميع المحارم ارادة واختيارا وَبعد ما لم يكن الدخول من ظهور البيوت وثقبها من البر أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها مغمضين عيونكم عن المناهي غاضين أبصاركم عنها حافظين قلوبكم عن الميل الى المحرمات والمحظورات مطلقا وَبالجملة اتَّقُوا اللَّهَ مخلصين له خائفين منه لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ رجاء ان تفوزوا بالفلاح من عند الله بسبب تقويكم وَمن جملة الحدود الموضوعة فيكم القتال مع الأعداء

<<  <  ج: ص:  >  >>