للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حسب ما يسر الله له ويفيض عليه ويظهرها منه ويحكمها عليه ومن كان شأنه هذا وامره هكذا كان فانيا في الله باقيا ببقائه مستغرقا بمطالعة لقائه فلا بد وان يكون صادقا صدوقا هاديا مهديا مترصدا منتظرا في طريق الحق مترقبا للوحى والإلهام الإلهي مستنشقا من نسمات نفسات الرحمن متعرضا لنفحات الروح والريحان من رياض الجنان متشوقا الى لقاء الحنان منسلخا عن لوازم الناسوت منجذبا نحو فضاء اللاهوت فجرى عليه عموم ما جرى على وفق التسليم والرضاء بجميع ما قد ثبت له في لوح القضاء لذلك اخبر سبحانه عن استغراق حبيبه صلّى الله عليه وسلّم وانجذابه بالمرة نحو مبدئه واتصاله بعالم اللاهوت وحضرة الرحموت بعد كمال انخلاعه عن كسوة عالم الناسوت واقسم سبحانه بما اقسم تأييدا لأمره وتعظيما لشأنه فقال بعد ما تيمن باسمه العلى الأعلى بِسْمِ اللَّهِ المتجلى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا على حبيبه صلّى الله عليه وسلم الرَّحْمنِ بعموم عباده بإظهار مرتبته صلّى الله عليه وسلّم فيما بينهم الرَّحِيمِ لخواصهم المهتدين بهدايته وإرشاده صلّى الله عليه وسلم حيث يوصلهم الى مرتبة حق اليقين

[الآيات]

وَالنَّجْمِ إِذا هَوى يعنى وبحق الجذبات العلية الإلهية المتشعشعة اللامعة كالنجوم الثواقب الهوية والخطفات القوية النازلة لقلوب ارباب الارادة الصافية والعزيمة الخالصة المختلفة لهم من قبل عالم اللاهوت ليهتدوا بها في ظلمات التعينات الى فضاء الوحدة الذاتية وشمس الحقيقة الحقية

ما ضَلَّ اى ما انحرف وما عدل صاحِبُكُمْ يعنى رسولكم المؤيد من عند الله المستوي على صراط العدالة الإلهية عن طريق التوحيد والتحقيق وَما غَوى اى ما ضل وما انصرف في سلوك سبيل الله نحو الباطل الزاهق الزائغ

وَما يَنْطِقُ وما يتكلم ويتفوه بالقرآن المعجز عَنِ الْهَوى الناشئ من ظلمات الطبيعة والهيولى بل

إِنْ هُوَ اى وما القرآن الذي ينزل اليه صلّى الله عليه وسلّم ويتكلم هو صلّى الله عليه وسلّم به إِلَّا وَحْيٌ يُوحى اليه من عند ربه بلا تصنع له فيه وتكلف من جانبه بل قد

عَلَّمَهُ عناية به وتكريما له وتأييدا لشأنه صلّى الله عليه وسلّم وتعظيما له شَدِيدُ الْقُوى اى الحق الذي لا حول ولا قوة في الوجود الا منه وبه وله إذ لا موجود غيره ولا اله سواه وهو سبحانه

ذُو مِرَّةٍ قوة كاملة وقدرة شاملة ذاتية محيطة لعموم ما ظهر وبطن من المظاهر والمجالى وبعد تعليم الحق له وتقويته وتأييده إياه صلّى الله عليه وسلم فَاسْتَوى واعتدل صلّى الله عليه وسلّم على صراط العدالة وتمكن في مرتبة الخلافة والنيابة الإلهية

وَهُوَ من كمال تربية الحق وتأييده إياه قد تمكن واستعلى بِالْأُفُقِ الْأَعْلى الذي هو أفق عالم اللاهوت ومطلع شمس الذات الاحدية من مشرق عالم العماء الذي هو نور على نور وحضور في حضور لا يطرأ عليه افول ودبور وغروب وغبور

ثُمَّ دَنا وتقرب صلّى الله عليه وسلّم الى ربه فَتَدَلَّى ولحق وتعلق صلّى الله عليه وسلّم به سبحانه نوع تعلق وتحقق الى حيث تحقق

فَكانَ قرب ما بينهما قابَ قَوْسَيْنِ اى مقدار قوسي الوجوب والإمكان الحافظين لمرتبتى الربوبية والعبودية أَوْ أَدْنى واقرب منهما لفناء حصة الناسوت مطلقا في حصة اللاهوت وبقائها ببقاء حضرة الرحموت وبعد ما صار صلّى الله عليه وسلّم ما صار وقرب الى حيث قرب

فَأَوْحى

والهم سبحانه إِلى عَبْدِهِ

صلى الله عليه وسلّم الذي هو سبحانه اقرب اليه من نفسه ما أَوْحى

من المعارف والحقائق والمكاشفات والمشاهدات اللدنية الفائضة عليه من لدنه سبحانه الخارجة عن طور ناسوته وطوق بشريته مطلقا فرأى صلّى الله عليه وسلّم حينئذ ما رأى وانكشف ووجد ما وجد وذاق ما ذاق وبالجملة

ما كَذَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>