للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذاتية الإلهية الباعثة على الظهور والبروز في فضاء الكمال انما هو بمقتضى التجليات والشئون الإلهية وتطوراته المتوافقة والمتخالفة حسب القبض والبسط والجمال والجلال الظاهر آثارها في الأزمان والأدوار الصادرة من الملك الجبار حسب الارادة والاختيار ومن جملة الآثار الواقعة في الأقطار امر النكاح والطلاق المترتبين على المناسبة والمخالفة المتفرعتين على القبض والبسط المتفرعين على صفتي الجمال والجلال لذلك نبه سبحانه عباده وبين لهم احكام النكاح والطلاق الصوريين ووضع لهما حدودا وقواعد مضبوطة حتى لا يتجاوزوا عن الاعتدال والقسط الإلهي المتفرع على الحكمة المتقنة البالغة فقال بعد ما تيمن باسمه الأعلى مناديا لحبيبه صلّى الله عليه وسلّم إذ هو صلّى الله عليه وسلّم لائق بالخطابات الإلهية سيما في أمثال هذه الاحكام بِسْمِ اللَّهِ الذي احكم مطلق الاحكام الشرعية على مقتضى الحكمة والعدالة الرَّحْمنِ لعموم عباده بوضع الحدود الشرعية بينهم الرَّحِيمِ لخواصهم بتنبيههم على سرائر تكاليفه وحكم حدوده المتفرعة على حكمته البالغة والمصلحة الكاملة

[الآيات]

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ المبعوث الى كافة البرايا ليرشدهم ويصلح أحوالهم فاعلم أنت يا أكمل الرسل اصالة والمؤمنين تبعا انكم إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ وقصدتم رفع رابطة العلقة بالرخصة الشرعية ايضا فَطَلِّقُوهُنَّ وارفعوا عنهن قيد الالفة المقتضية للزوجية لِعِدَّتِهِنَّ اى في اثنائها ووقتها الذي هو مدة الطهر قبل وقوع الوقاع فيه وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ الكاملة اى الاطهار الثلاثة مع الطلقات الثلاث حتى تقع كل طلقة في طهر وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ المنتقم الغيور الذي رباكم بمقتضى العدالة فعليكم ان لا تتجاوزوا عنها فلا تزيدوا على عدتهن بالمراجعة عليهن ثم تطليقهن وعليكم انه لا تُخْرِجُوهُنَّ بالتعدي بعد إيقاع الطلاق مِنْ بُيُوتِهِنَّ اى مساكنكم التي قد كن فيها قبل الفرقة حتى تنقضي عدتهن فيها وَلا يَخْرُجْنَ ايضا بأنفسهن بعد الفرقة من مساكنهن بلا رضى منكم إذ فوائد العدة والاستبراء انما هي عائدة إليكم ايها الأزواج المطلقون بل لا بد لهن ان يعتددن فيها إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ هي زنا يشهد له شهود على الوجه الذي اعتبر في الشرع فحينئذ يخرجن لإجراء الحد عليهن فيصح هذا الاستثناء على كلا الحكمين السابقين وَتِلْكَ الحدود المذكورة حُدُودُ اللَّهِ العليم الحكيم الصادرة عنه بمقتضى الحكمة المتقنة البالغة المقتضية للعدالة الكاملة وَمَنْ يَتَعَدَّ ويتجاوز حُدُودُ اللَّهِ المنتقم الغيور فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ بالعرض على عذاب الله عاجلا وآجلا إذ لا تَدْرِي ولا تعلم نفس المطلق المتجاوز عن الحد الشرعي بالتطويل في العدة والتهاون على المرأة او نفس المرأة المطلقة بإتيان الفاحشة في أوان العدة وغيرها لَعَلَّ اللَّهَ المقتدر المنتقم يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ التفريق والبينونة أَمْراً بان يجعل للمطلق بدل تلك الزوجة المطلقة زوجة سليطة عليه او يجعل للمطلقة زوجا أشد ايلاما منه وبالجملة

فَإِذا بَلَغْنَ اى المطلقات أَجَلَهُنَّ شارفن على انقضاء العدة فَأَمْسِكُوهُنَّ وراجعوا إليهن بِمَعْرُوفٍ مستحسن عقلا وشرعا ومروءة نادمين على ما صدر عنكم من الطلاق والسراح والفراق معطين لهن على وجه الإحسان من الامتعة جبرا لما كسرتم أَوْ فارِقُوهُنَّ بعد ما لم يبق بينكم وبينهن رابطة المحبة وعلاقة الالفة بِمَعْرُوفٍ مستحسن مرضى مقبول له اى الشارع محمود ومعهود عند عموم ارباب المروات بلا ضرر ولا إضرار وبلا أخذ شيء مما يتعلق بهن من الامتعة المنسوبة إليهن عرفا بل أعطوهن شيأ آخر معتدا به ليعترفن بثنائكم وشكركم دائما ويدعوا لكم بدل ما يدعون عليكم

<<  <  ج: ص:  >  >>