للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ان كذبوك يا أكمل الرسل بما قد جئت به من الآيات العظام وعاندوا معك في قبولها لا تبال بهم ولا تحزن عليهم إِنَّ رَبَّكَ الذي رباك بأنواع الكرامات لَهُوَ الْعَزِيزُ الغالب المقتدر على انواع البطش والانتقام الرَّحِيمُ الحليم الذي لا يعجل بالعذاب وان استوجبوا بل يمهلهم زمانا لعلهم يتنبهون على ما فرطوا من سوء المعاملة مع الله ورسوله وآياته فيتوبون نادمين خاشعين صاغرين.

ثم أشار سبحانه الى تعداد المكذبين الضالين عن طريق التوحيد التائهين في تيه الغفلة والغرور فقال وَاذكر يا أكمل الرسل للمنصرفين عنك وعن آياتك عنادا قصة أخيك موسى الكليم عليه صلوات الرحمن مع فرعون وملائه وقت إِذْ نادى رَبُّكَ عبده مُوسى واوحى اليه بعد ما قد ظهر الفساد في الأرض من استيلاء فرعون وملائه على بنى إسرائيل واستعبادهم وقتل أبنائهم واستحياء نسائهم عدوانا وظلما حيث قال سبحانه أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ اى لك الإتيان بالدعوة والرسالة يا موسى على القوم الخارجين عن مقتضى الحدود الإلهية الموضوعة بين العباد لبقاء الإنصاف والانتصاف بينهم

يعنى قَوْمَ فِرْعَوْنَ الطاغي الباغي الذي قد ظهر على عباد الله بأنواع الجور والفساد فقل لهم أولا بعد ما ذهبت إليهم على سبيل التنبيه أَلا يَتَّقُونَ اما يحذرون عن قهر الله أولئك المفسدون المسرفون المكابرون المتجاوزون عن مقتضى العقل والنقل

وبعد ما ناداه سبحانه بما ناداه قالَ موسى ملتجأ الى الله مناجيا له رَبِّ يا من رباني بأنواع اللطف والكرم إِنِّي من شدة ضعفى وانفرادي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ ولا يقبلون منى دعوتي ولا يلتفتون الى وَبذلك يَضِيقُ صَدْرِي ويكل خاطري عن تبليغ ما أمرتني وَبعد ما قد ضاق صدري وكل خاطري لا يَنْطَلِقُ ولا يجرى حينئذ لِسانِي على تبيينه وتفهيمه مع ان في لساني لكنة جبلية وبالجملة انا وحدي لا اطيق بحمل أعباء الرسالة وتبليغها إليهم واجعل لي يا رب ظهيرا لي يعينني في شأنى هذا وأخي اولى بي بالمظاهرة والمعاونة إياي فَأَرْسِلْ حسب فضلك وجودك حامل وحيك جبريل عليه السلام إِلى هارُونَ أخي وأمره ان يشرك في امرى حتى نذهب كلا الأخوين الى فرعون ونبلغ رسالتك إياه

وَلا سيما لَهُمْ اى لقوم فرعون عَلَيَّ ذَنْبٌ عظيم وهو انى قد قتلت منهم قبطيا فيما مضى فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ بقصاصه

قالَ سبحانه في جوابه على سبيل الردع والمنع كَلَّا اى ارتدع يا موسى عن الخوف منهم وانزجر عنه بعد ما أيدناك واصطفيناك للرسالة ولا تبال بهم وبكثرتهم وشوكتهم إذ لا يسع لهم ان يقتلوك وان أردت ان نشرك أخيك معك في أمرك هذا فنشركه فأرسل سبحانه جبرائيل عليه السلام الى هارون بالوحي واشركه مع أخيه وأمرهما بتبليغ الرسالة الى فرعون بقوله فَاذْهَبا بِآياتِنا الدالة على عظمة ذاتنا وكمالات أسمائنا وصفاتنا وبلغا ما أمرتكما بتبليغه بلا خوف منهم وبلا مبالاة لهم إِنَّا حاضرون مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ ما جرى بينكم حافظون مراقبون لكما عما قصدوا من المقت والأذاة

ْتِيا فِرْعَوْنَ

مجترئين بلا مبالاة له وبشأنه وأعوانه قُولا

بلا دهشة وخوف من سطوته واستيلائه نَّا

اى كل واحد مناسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ

إليك ايها الطاغي نبلغك من عنده سبحانه

أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا قومنا بَنِي إِسْرائِيلَ وخل سبيلهم حتى يذهبوا بنا الى ارض الشأم سالمين مخلصين عن ظلمك وجورك فقبلا من الله امره سبحانه فذهبا الى فرعون وملائه فقالا لهم ما قالا على الوجه المذكور بلا مبالاة لهم وبعد ما بلغا الرسالة على وجهها

قالَ فرعون في جوابهما مخاطبا لموسى إذ هو اصل

<<  <  ج: ص:  >  >>