للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على فطرة الكفران والعصيان عَلى ما فاتَكُمْ من اللذات والشهوات وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ منها ليكون فرحكم سببا لكبركم وخيلائكم على ضعفاء الأنام وعدم قراءة السلام وَبالجملة اللَّهُ المطلع على ما في استعدادات عباده من النخوة والاستكبار لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ ذي كبر وخيلاء منهم فَخُورٍ مفاخر مباه بسبب المال والجاه والثروة والسيادة على اقرانه وأبناء جنسه وإذا كان الأمر كذلك فلا تسندوا الأمور مطلقا الى الأسباب والوسائل العادية ولا الى انفسكم بل فوضوها كلها الى الله وأسندوها اليه سبحانه بالأصالة فلا تفرحوا ولا تحزنوا بل أفنوا في الله وابقوا لتتمكنوا في مقعد صدق عند مليك مقتدر والمختالون المفتخرون هم

الَّذِينَ يَبْخَلُونَ ويمسكون عن التصدق والانفاق ويجمعون من حطام الدنيا مقدار ما يفتخرون بها ويتفوقون على اقرانهم بسببها وَمن غاية بخلهم وامساكهم يَأْمُرُونَ النَّاسَ ايضا بِالْبُخْلِ لئلا يلحق عار البخل بهم خاصة وليعرضوا وليصرفوا ضعفاء الأنام عن امتثال امر الله بالإنفاق شحا وبخلا حتى لا ينالوا المثوبة العظمى والكرامة الكبرى في النشأة الاخرى من عنده سبحانه وَبالجملة مَنْ يَتَوَلَّ ويعرض عن الله ولم يشكر بنعمه ولم يواظب على أداء حقوق كرمه فلا يضره سبحانه ولا ينقص شيأ من علو شأنه وسمو برهانه فَإِنَّ اللَّهَ المتعزز برداء العظمة والكبرياء هُوَ الْغَنِيُّ بذاته عن اطاعة عباده وانفاقهم وكذا عن عصيانهم وكفرانهم الْحَمِيدُ حسب أسمائه وصفاته الذاتية بلا افتقار له الى محامد مظاهره ومصنوعاته. ثم قال سبحانه على سبيل الامتنان لعموم عباده إرشادا لهم الى سبيل السلامة والسداد وحثا لهم الى التزام الطاعات والعبادات المقربة لهم الى فضاء الوحدة

لَقَدْ أَرْسَلْنا من مقام عظيم جودنا رُسُلَنا المبعوثين الى هداية العباد وإرشادهم الى سبيل السداد وايدناهم بِالْبَيِّناتِ المعجزات الواضحات وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ المشتمل على الآيات الدالة على وحدة ذاتنا وكمالات أسمائنا وصفاتنا وَأنزلنا ايضا معهم الْمِيزانَ الموضوع للقسط والعدالة كل ذلك لِيَقُومَ النَّاسُ المجبولون على الغفلة والنسيان بِالْقِسْطِ والعدل السوى فيصيرون مستقيمين على صراط الله الأعدل الأقوم الذي هو الشرع القويم والدين المستقيم المنزل على الرسول المبعوث بالخلق العظيم وَأَنْزَلْنا ايضا الْحَدِيدَ لزجر المنحرف العنيد إذ فِيهِ اى في السيف الصارم الحديد المتخذ من الحديد بَأْسٌ شَدِيدٌ للمائلين عن جادة الشريعة والمترددين عن الدين القويم وَان كان ايضا فيه مَنافِعُ كثيرة لِلنَّاسِ لتوقف عموم الحرف والصنائع عليه وانما أرسل سبحانه وَانزل معه ما انزل لِيَعْلَمَ اللَّهُ اى يظهر ويميز من عباده مَنْ يَنْصُرُهُ سبحانه وَينصر رُسُلَهُ المرسلين من لدنه اى من ينصر دينه المنزل على كل واحد من رسله المبعوثين من عنده لإظهاره وترويجه بِالْغَيْبِ اى قيام الساعة وانكشاف السرائر وما ذلك الإرسال والإنزال منه سبحانه الا لابتلاء العباد واختبارهم والا فهو سبحانه منزه في ذاته عن اعانتهم ونصرهم إِنَّ اللَّهَ القادر المقتدر على انواع الانعام والانتقام قَوِيٌّ على إهلاك من أراد إهلاكه عَزِيزٌ غالب على عموم مقدوراته بلا مظاهرة ومعاونة وانما امر سبحانه بالجهاد لينالوا بامتثاله أعظم المثوبات. ثم قال سبحانه على سبيل التخصيص بعد التعميم للاعتناء والاهتمام بشأن المذكورين

وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً الى قومه حين فشا الجدال والمراء بينهم وشاع ميلهم وانحرافهم عن المنهج القويم وَإِبْراهِيمَ حين ظهر الشرك وعبادة الأوثان

<<  <  ج: ص:  >  >>