للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي هو مبدؤه ومعاده يَسَّرَهُ وسهل عليه وأودع فيه العقل الفطري المنشعب من العقل الكل الذي هو عبارة عن حضرة العلم المحيط الإلهي

ثُمَّ أَماتَهُ عن نشأة الابتلاء والاختبار تخليصا وتقريبا الى ربه فَأَقْبَرَهُ في البرزخ

ثُمَّ إِذا شاءَ وتعلقت مشيئته للأحياء أَنْشَرَهُ من القبر وحشره الى المحشر فحاسبه فجازاه على مقتضى حسابه خيرا كان او شرا فضلا عنه او عدلا

كَلَّا ردع له وويل عليه ما هذا النسيان والكفران لهذه النعم العظام والكرامات الجسام لَمَّا يَقْضِ اى لم يقض ولم يجر من لدن وجوده وظهوره على ما أَمَرَهُ الحق به إذ قلما يخلو افراد الإنسان عن الكفر والكفران والإثم والعدوان الا ان بعضه متدارك متلاف قد جبر بالتوبة والايمان ما كسر بالكفر والكفران وبعضه مغمور في عصيانه ونسيانه وبغيه وطغيانه الى حيث لا يتنبه قط وبالجملة

فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ المجبول على الكفران والنسيان إِلى طَعامِهِ المسوق له من لدنا تفضلا عليه وتكريما لتقويته وتقويم بنيته

أَنَّا من مقام عظيم جودنا كيف صَبَبْنَا الْماءَ وافضناه من جانب السماء صَبًّا ترويحا له وتهيئة لأسباب معاشه

ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ بعد ما صببنا الماء عليها شَقًّا بديعا

فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا من انواع الحبوب التي يقتات بها نوع الإنسان

وَعِنَباً متضمنا لانواع الأدم والمشروبات وَقَضْباً هو نبات يقطع في السنة مرة بعد اخرى مثل النعناع والطرخون والكراث وغيرها مما يعين للأكل

وَزَيْتُوناً وَنَخْلًا

وَبالجملة حَدائِقَ غُلْباً مملوة بأنواع الأشجار والثمار

وَفاكِهَةً اى ألوان الفواكه وأنواعها وأصنافها وَأَبًّا علفا لمواشيه ومراكبه التي بها يتم ترفهه وتنعمه وبالجملة قد اعطاكم واحسن إليكم سبحانه ما اعطى واحسن من النعم العظام والكرامات الجسام ليكون

مَتاعاً وتمتيعا لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ التي بها يتم ترفهكم وتنعمكم وانما أنعم عليكم سبحانه لتعرفوا المنعم وتواظبوا على شكر نعمه وأنتم ايها المسرفون المفرطون تكفرون للنعم والمنعم جميعا واذكروا

فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ الصيحة المقرعة لصماخكم وأسماعكم فحينئذ شق عليكم الأمر وصعب الهول مع انه لا نصر يومئذ ولا مظاهرة ولا اغاثة حينئذ من احد ولا اعانة بل

يَوْمَ اى يومئذ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ شقيقه وشفيقه

وَمن أُمِّهِ التي يأوى إليها في الوقائع والملمات وَأَبِيهِ الذي يظاهر ويفتخر به

وَصاحِبَتِهِ التي هي أحب اليه من عشائره وَبَنِيهِ الذين هم أعز عليه من عموم أقاربه وسبب التفرة والفرار اشتغال كل منهم بحاله بلا التفات منه الى حال غيره إذ

لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ يشغله عن شئون غيره ويزعجه عن الاهتمام به مع انه لا يكف ولا يكفيه احد منه وكيف لا يكون كذلك إذ

وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ مضيئة مشرقة منورة بنور الايمان والعرفان

ضاحِكَةٌ فرحا وسرورا بلقاء الرحمن مُسْتَبْشِرَةٌ بعلو الدرجات والمقامات وبأنواع السعادات والكرامات

وَوُجُوهٌ أخر يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ غبار وكدورة ناشئة من إكدار الكفر والكفران واقذار الآثام والعصيان مظلمة الى حيث

تَرْهَقُها وتغشيها قَتَرَةٌ مذلة وصغار وذلة وخسار موجبة لانواع الهلاك والبوار وبالجملة

أُولئِكَ الأشقياء البعداء عن ساحة عز القبول المكدرون بكدورات الكفر والشرك وانواع الفسوق والفجور هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ الخارجون عن مقتضى الحدود الإلهية وعن نور المعرفة والايمان بمتابعة القوى البهيمية من الشهوية والغضبية إذ كلتاهما مناط عموم الشرور والخسران. أعاذنا الله وعموم عباده من شرهما بمنه وجوده

<<  <  ج: ص:  >  >>