للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خالِدِينَ فيها ابدا لا يتحولون عنها أصلا لذلك قد كانَ وصار هذا الوعد الموعود عَلى رَبِّكَ يا أكمل الرسل وَعْداً مَسْؤُلًا مطلوبا للمؤمنين في دعواتهم ومناجاتهم مع الله حيث قالوا في سؤالهم ودعائهم ربنا آتنا ما وعدتنا على رسلك الآية الى غير ذلك من الآيات المشتملة على الدعوات ورفع الدرجات والمناجاة المأثورة من الأنبياء والأولياء وخواص العباد

وَاذكر يا أكمل الرسل للمشركين المتخذين آلهة سوانا وحذرهم يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ ونبعثهم من قبورهم للعرض والجزاء وَنحشر ايضا معهم ما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ الواحد الأحد الفرد الصمد يعنى آلهتهم الذين كانوا يعبدون لهم مثل عبادة الله كالملائكة وعزيز وعيسى والجن والكواكب والأصنام عبر سبحانه عن آلهتهم بما مع ان بعضهم عقلاء لعموم لفظة ما او للتغليب او باعتبار ما يتخذون ويعتقدون آلهة من تلقاء أنفسهم بلا حقيقة لها أصلا سوى الاعتبار إذ معبوداتهم لا يرضون باتخاذهم آلهة وبعد ما حشر الآلهة ومتخذوهم مجتمعين فَيَقُولُ الله سبحانه مستفهما عن الآلهة مخاطبا لهم على سبيل التوبيخ والتبكيت لمتخذيهم أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي عن عبادتي ودعوتم أنتم هؤُلاءِ الى عبادة انفسكم مدعين الشركة معى في الإلهية أَمْ هُمْ بأنفسهم قد ضَلُّوا السَّبِيلَ

قالُوا يعنى الآلهة مبرئين نفوسهم عن أمثال هذه الجرأة والجريمة العظيمة منزهين ذاته سبحانه عن وصمة المشاركة والمماثلة عن مطلق الكفاءة سُبْحانَكَ نحن ننزه ونقدس لك يا ربنا عن توهم الشركة في الوهيتك وربوبيتك بل في وجودك وتحققك مطلقا ما كانَ يَنْبَغِي لَنا وما يليق بنا وما يصح منا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ فكيف ان ندعى الولاية لأنفسنا دونك او نزعم الاشتراك معك مع انا نعلم ان لا وجود لنا إلا منك ولا رجوع لنا الا إليك وأنت يا ربنا تعلم منا عموم ما في ضمائرنا وأسرارنا بل جميع ما في استعداداتنا ونياتنا وجميع شئوننا وقابلياتنا وأنت تعلم ايضا منا يا مولانا مالنا علم باتخاذهم وايضا لا إضلال ولا تغرير من قبلنا إياهم وَلكِنْ أنت مَتَّعْتَهُمْ حسب فضلك وجودك بأنواع النعم واصناف الكرم زمانا وَكذا قد متعت آباءَهُمْ كذلك وقد أمهلتهم زمانا مترفهين مترفين مستكبرين حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ اى ذكر المنعم المفضل وغفلوا عن شكر نعمه بالمرة وصاروا عليها زمانا بطرين مفتخرين الى حيث قد أخذوا واتخذوا بمقتضى اهويتهم الفاسدة وآرائهم الباطلة اولياء ظلما وزورا وسموهم أربابا دونك وعبدوهم كعبادتك عتوا واستكبارا وَبالجملة هم قد كانُوا مقدرين مثبتين في حضرة علمك ولوح قضائك قَوْماً بُوراً

هالكين في تيه الغفلة والضلال معدودين من اصحاب الشقاوة الازلية الابدية بحيث لا يرجى منهم السعادة والفلاح أصلا

ثم قيل للمشركين من قبل الحق تفضيحا لهم وإلزاما وتبكيتا فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ آلهتكم ايها الضالون بِما تَقُولُونَ انهم آلهتنا او بما تقولون هؤلاء أضلونا او بقولكم هؤلاء شفعاؤنا فَما تَسْتَطِيعُونَ اى فالان قد لاح وظهر ان آلهتكم وشفعاءكم لا يقدرون صَرْفاً من عذابنا إياكم شيأ وَلا يقدرون ايضا نَصْراً لكم حتى تصرفوا أنتم عذابنا عن انفسكم بمعاونتهم ولا يقدرون ايضا ان يشفعوا لكم ليخفف عذابنا عنكم وَبالجملة مَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ ايها المشركون علينا باتخاذ غيرنا الها سوانا عنادا ومكابرة ولم يتب عن ذلك حتى قد خرج من الدنيا عليه نُذِقْهُ الآن اى يوم الجزاء عَذاباً كَبِيراً لا عذاب اكبر منه.

ثم أشار سبحانه الى تسلية حبيبه صلّى الله عليه وسلّم عما عيره الكفرة الجهلة المستهزءون معه بقولهم ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشى في الأسواق الآية فقال وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ يا أكمل الرسل رسولا

<<  <  ج: ص:  >  >>