للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما خلقنا إِلَّا ملتبسا بِالْحَقِّ المثبت لأصحاب الدلائل والبراهين توحيد الحق الثابت المحقق ازلا وابدا عند ارباب الكشف واليقين وَاعلموا ايها العقلاء المكلفون المعتبرون إِنَّ السَّاعَةَ الموعودة لانقهار التعينات مطلقا واضمحلال التشكلات رأسا لَآتِيَةٌ جزما بلا تردد وشبهة فيجازى فيها كل على مقتضى ما كسب في عالم التعينات والتطورات وإذا كان الكل مجازون مجزيين بأعمالهم مسئولين عنها فَاصْفَحِ أنت يا أكمل الرسل واعرض عن انتقام من يؤذيك ويرديك الصَّفْحَ الْجَمِيلَ والاعراض المستحسن عند الطباع السليمة واحلم معهم والطف عليهم

إِنَّ رَبَّكَ الذي رباك بأنواع اللطف والكرم واصطفاك من بينهم بأصناف الفضائل والكمالات هُوَ الْخَلَّاقُ لهم ولاعمالهم الْعَلِيمُ المميز المبالغ في التمييز بين صالحها وفاسدها يجازيهم بمقتضى علمه وخبرته

وَبالجملة لا تبال يا أكمل الرسل بهم وبما عندهم من حطام الدنيا ومزخرفاتها الفانية ولا تحزن على أذاهم فانا من مقام فضلنا وجودنا لَقَدْ آتَيْناكَ وأعطيناك تتميما لتكريمك وتعظيمك سَبْعاً اى سبع آيات مِنَ الْمَثانِي اى الفاتحة التي قد ثنى نزولها تارة بمكة وتارة بالمدينة على عدد الصفات السبع الإلهية ليكون لك حظ كامل من جميعها والسبع الطباق الفلكية والكواكب السبعة التي فيها والأقاليم السبعة الارضية والمشتهيات السبعة الدنياوية المذكورة في كريمة زين للناس حب الشهوات الآية لتكون عوضا عنها والأودية السبعة الجهنمية لتكون منجية لك منها فيكون الفاتحة حينئذ أعظم واولى من الدنيا وما فيها وَمع ذلك لا نقتصر انعامنا عليك بل قد آتيناك الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ الجامع لفوائد جميع ما في الكتب السالفة الناسخ لها المعجز لعموم من اتى بمعارضته ومقابلته

فعليك بعد ما اصطفيناك يا أكمل الرسل من بين سائر الأنبياء بأمثال هذه الكرامات ان لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ نحوهم لا تنظرن إليهم نظر متحسر راغب بل نظر معتبر كاره إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ من الزخارف أَزْواجاً مِنْهُمْ وأصنافا من الامتعة معطاة للكفرة ابتلاء لهم بحيث قد صاروا بها مفتخرين بطرين بين الناس وَلا تَحْزَنْ ايضا عَلَيْهِمْ بعدم اتباعهم لك وايمانهم بك إذ هذه المزخرفات الدنية الدنياوية تحجبهم عن الايمان وتعوقهم عن العرفان وهم دائما مفتنون بها وَبالجملة اخْفِضْ جَناحَكَ وابسطها كل البسط لِلْمُؤْمِنِينَ الذين يتبعونك عن خلاء القلب وصفاء القريحة بلا شوب الرياء والسمعة وشين الاهوية الفاسدة

وَقُلْ للمعاندين المنكرين إِنِّي باذن ربي ووحيه على أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ والمنذر المبين أنذركم ببيان واضح وبرهان لائح نازل على من ربي ان العذاب والعقاب سينزل على من لم يؤمن بالله وبوحدة ذاته وصفات كماله

كَما أَنْزَلْنا اى مثل العذاب الذي قد أنزلناه من قبل عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ وهم الرهط الذين قد تقاسموا ان يبيتوا صالحا عليه السّلام

والمقتسمون اليوم هم الَّذِينَ قد جَعَلُوا الْقُرْآنَ المعجز لفظا ومعنى نصا ودلالة اقتضاء حدا ومطلعا عِضِينَ اى ذي أجزاء مختلفة بعضها حق لأنه مطابق للكتب السالفة وبعضها باطل إذ هو مخالف لها وبعضها شعر وبعضها كهانة مع ان الكل هداية لإضلال فيها أصلا تعالى شأنه وكتابه عما يقول الظالمون علوا كبيرا

فَوَ رَبِّكَ يا أكمل الرسل وبعزته وجلاله لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ وعن جميعهم على التفصيل

عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ يقدحون ويطعنون في القرآن وينسبون اليه من المفترات التي هو بريء منها بعيد عنها بمراحل وإذا كان نزول القرآن للهداية العامة والإرشاد الشامل الكامل

فَاصْدَعْ أنت واظهر بِما تُؤْمَرُ واجهر به

<<  <  ج: ص:  >  >>