للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي قرى قوم لوط الى حيث أَهْوى اى أسقط عليهم دورهم وأماكنهم بعد ما رفعها نحو السماء فقلبها عليهم بحيث جعل عاليها سافلها

فَغَشَّاها حينئذ ما غَشَّى اى قد غطاها وسترها بما غطاها بامطار الحجارة عليها وإنزال انواع المصيبات إليها والعاهات والنكبات نحوها وبالجملة

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ واصناف نعمائه المتوالية المتتالية من انتقام الأعداء وانعام الأولياء تَتَمارى وتتدافع على وجه الجدال والمراء ايها المحجوب الجاحد لوحدة الحق وتوحده واستقلاله في عموم تصرفاته في ملكه وملكوته بكمال الارادة والاختيار والفاقد عين العبرة وبصر البصيرة المستلزمة لانواع التأمل والاعتبار وبالجملة اعلموا ايها المجبولون على فطرة التكليف المثمرة للمعرفة والتوحيد ان

هذا اى رسولكم الذي أرسل إليكم من لدنا ليرشدكم الى توحيد الذات مؤيدا بالكتاب المبين المبين لمقدمات التوحيد مشتملا على الأوامر والاحكام المؤدية اليه وكذا على النواهي العائقة عنه والعبر والتذكيرات المصفية لنفوسكم عن الركون الى ما ينافيه من المزخرفات الدنية الدنياوية الجالبة لانواع اللذات والشهوات الجسمانية المورثة لكم من شياطين نفوسكم وقواكم البهيمية الظلمانية المتفرعة على الطبيعة والهيولى الامكانية والغواشي الاركانية التي هي من نتائج التعينات العدمية الناسوتية المانعة من الوصول الى صفاء عالم اللاهوت نَذِيرٌ لكم أكمل مِنَ النُّذُرِ الْأُولى إذ هم منذرون عن الشواغل المنافية لتوحيد الصفات والأفعال ونذيركم هذا صلّى الله عليه وسلّم ينذركم من موانع توحيد الذات المستلزم لتوحيد الصفات والأفعال واعلموا يقينا انه بعد بعثته صلّى الله عليه وسلم قد

أَزِفَتِ الْآزِفَةُ اى دنت القيامة الموعودة واقتربت الساعة المعهودة مع انها

لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ اى ليست نفس قادرة على كشفها وتعيين وقت وقوعها وقيامها سوى الله تعالى إذ هي من جملة الغيوب التي قد استأثر الله بها ولم يطلع أحدا عليها. ثم وبخ سبحانه على منكري القرآن ويوم القيامة ومكذبيهما وقرعهم فقال

أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ الصحيح والحق الصريح الذي هو القرآن المعجز المبين لأمر الساعة بأنواع الحجج والبرهان تَعْجَبُونَ تعنتا واستكبارا وجحودا وإنكارا ايها المتعجبون المستكبرون المفرطون

وَتَضْحَكُونَ منه استهزاء ومراء وَلا تَبْكُونَ من سماع الوعيدات الهائلة المذكورة فيه تلهفا وتأسفا على ما قد فرطتم لأنفسكم وأفرطتم عليها مع ان الاولى والأليق بحالكم التلهف والبكاء

وَبالجملة أَنْتُمْ ايها الحمقى العمى الجاهلون الجاحدون سامِدُونَ لاهون ساهون متكبرون عما فيه من الأوامر والنواهي والوعد والوعيد تجاهلا وتغافلا مكابرون عليها عتوا وعنادا وان أردتم التلافي والتدارك

فَاسْجُدُوا لِلَّهِ الواحد الأحد الفرد الصمد المستقل في الألوهية والوجود وتذللوا له حق التذلل وعظموه حق التعظيم والتبجيل وَاعْبُدُوا له حق عبادته خاشعين خاضعين ضارعين تائبين آئبين كي تصلوا الى زلال معرفته وتعرفه وتوحيده آمنين فائزين. جعلنا الله من جملة عباده العابدين المتذللين الخاضعين الخاشعين الآمنين الفائزين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون

[خاتمة سورة والنجم]

عليك ايها المريد القاصد لسلوك طريق التوحيد عصمك الله عن آفات التخمين والتقليد واعانك على التبتل والتجريد ان تلازم المجاهدة والانكسار المفرط والتذلل التام والافتقار اللازم مع دوام

<<  <  ج: ص:  >  >>