للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على جلب نفع ودفع ضر وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ القادر المقتدر القوى على البطش والانتقام يَكْفُرُونَ فسيعلمون أولئك الجاهلون الظالمون أى منقلب ينقلبون. ثم قال سبحانه على سبيل التهديد والوعيد الشديد

وَمَنْ أَظْلَمُ وأشد ظلما وعدوانا على الله وخروجا عن مقتضيات حدوده وعلى نفسه ايضا بالعرض على بطشه وعذابه سبحانه مِمَّنِ افْتَرى ونسب عَلَى اللَّهِ مراء وافتراء كَذِباً عظيما بان يشرك معه غيره مع انه ليس في الوجود الا هو ولا اله سواه أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ المطابق للواقع الثابت المرسل من عنده سبحانه يعنى الرسول عليه السلام لَمَّا جاءَهُ كذبه فجاءة بلا تأمل وتدبر عنادا ومكابرة أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ يعنى أيزعمون أولئك المسارعون المبادرون في التكذيب المجترئون على الإنكار انهم لا يدخلون في جهنم الطرد وجحيم الخذلان خالدين مخلدين بسبب هذا الجرم العظيم والافتراء البالغ نهاية البغي والعناد على الله وعلى كتابه ورسوله بل هم المستوجبون المقصورون على الخلود فيها ابدا مهانين صاغرين. ثم قال سبحانه بمقتضى سنته المستمرة من تعقيب الوعيد بالوعد

وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا يعنى المؤمنين الموقنين الذين قد حازوا كلتا مرتبتي العلم والعين بمقتضى استعداداتهم الفطرية ثم اجتهدوا ببذل وسعهم حتى أفنوا أنفسهم فينا وبقوا ببقائنا باذلين مهجهم في سبيلنا تاركين مقتضى هوياتهم وأعيانهم الباطلة وتعيناتهم العاطلة في هويتنا وعيننا الحقة الحقيقية لَنَهْدِيَنَّهُمْ ولنوفقن عليهم سُبُلَنا ولنزيدن هديهم ورشدهم إلينا جذبا منا إياهم وعناية لهم وإحسانا معهم وَكيف لا يجذبهم الحق ولا يعتنى بشأنهم ويزيد برشدهم وتوفيقهم إِنَّ اللَّهَ المتجلى لخلص عباده بمقتضى أسمائه وصفاته لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ منهم ألا وهم الذين يحسنون الأدب مع الله ويجتهدون في افناء ذواتهم الباطلة في الحق سبحانه بعد ما قد تحققوا بمقام الكشف والشهود وتيقنوا ان لا موجود سواه ولا اله في الوجود الا هو بل اجتهدوا حينئذ ان يحكوا اظلال هوياتهم الباطلة وعكوس تعيناتهم الهالكة العاطلة عن دفتر الوجود مطلقا لئلا يبقى لهم لا اسم ولا رسم ولا عين ولا اثر بعد ما قد طرحوا بتوفيق الله وجذب من جانبه ما طرحوا من أباطيل التعينات ولوازم الهويات والأنانيات وعموم الاعتباريات عن دفتر الوجود وفضاء الشهود بحيث لم يبق لهم شائبة الهوية والأنانية والاثنينية مطلقا وحينئذ لم يبق للمعية والمصاحبة والمقارنة معنى أصلا بل لم يبق في الوجود وعين الشهود الا هو فثبت انه ما هو في الحقيقة الا هو ولا اله في الوجود سواه بل كل شيء هالك الا وجهه له الحكم واليه ترجعون وبالجملة لا يشوشك منطوقات الألفاظ والعبارات ان كنت من ارباب الرموز والإشارات هو يقول الحق وهو يهدى السبيل حسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير

[خاتمة سورة العنكبوت]

عليك ايها المجتهد المتوجه نحو الحق المتعطش بزلال توحيده المعرض عن الباطل وعما يترتب عليه من غوائل الشيطان ووساوسه ان تجتهد أولا في استخلاص نفسك البشرية عن أمانيها مطلقا سيما انية امارتك المائلة الى انواع الفجور البغية على الله بأصناف الكفر والفسوق الغبية التي لا تفهم مقتضيات الوحدة وإشارات ارباب التوحيد أصلا العرية عن مبدأ المعارف والحقائق والأسرار والمكاشفات الواقعة في طريقه رأسا فلك ان تروضها بمتاعب الرياضات ومشاق التكليفات

<<  <  ج: ص:  >  >>