للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووفور دواعيهم لمعارضته

أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ بل انصرفوا عن نسبته الى السحر الى افحش من ذلك وهو الافتراء فيقولون في حقه قد اختلقه هذا المدعى من تلقاء نفسه ونسبه الى ربه تغريرا وترويجا قُلْ لهم يا أكمل الرسل بعد ما نسبوا كتابك الى الفرية كلاما مفصحا لهم عن حقيقة الأمر وحقيته لو تأملوا فيه إِنِ افْتَرَيْتُهُ واختلقته انا من عندي ونسبته الى الله زورا وبهتانا فيأخذنى رب العزة بالإثم والافتراء البتة وان أخذني فَلا تَمْلِكُونَ ولا تدفعون لِي مِنَ عذاب اللَّهِ شَيْئاً حين أخذني وانتقم منى وبالجملة هُوَ سبحانه أَعْلَمُ بعلمه بِما تُفِيضُونَ وتخوضون أنتم فِيهِ اى في كتابه بما لا يليق به وبشأنه من نسبته الى السحر والافتراء وتكذيبه بأنواع وجوه المراء كَفى بِهِ اى كفى الله شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ اى بيننا يجازينا على مقتضى علمه وخبرته بي وبكم وَهُوَ الْغَفُورُ المبالغ في الستر والعفو لمن استغفر له الرَّحِيمُ لمن تاب ورجع نحوه نادما عما صدر عنه يقبل توبته ويمحو زلته

قُلْ لهم يا أكمل الرسل بعد ما اقترحوا عليك من الآيات التي تهواها نفوسهم ليلزموك ويعجزوك ما كُنْتُ بِدْعاً اى رسولا بديعا مبتدءا مِنَ بين الرُّسُلِ مبتدعا امرا يديعا غريبا مدعيا الإتيان بعموم المقترحات بل وَالله ما أَدْرِي وما اعلم من حال نفسي ما يُفْعَلُ بِي وكيف يصنع معى وَلا بِكُمْ اى وكيف يصنع بكم إِنْ أَتَّبِعُ اى ما اتبع إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ من قبل ربي ويطلعني عليه وَبالجملة ما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ من قبل الحق مُبِينٌ مبين موضح مظهر لكم باذنه ما اوحى الى من وحيه وما على الا التبليغ والإنذار والتوفيق من الله العليم الحكيم

قُلْ لهم يا أكمل الرسل بعد ما أقر رأيهم على ان القرآن مختلق من عندك قد افتريته أنت على الله وسحر نسبته أنت اليه سبحانه تغريرا وترويجا أَرَأَيْتُمْ أخبروني إِنْ كانَ القرآن مِنْ عِنْدِ اللَّهِ العليم العلام وَكَفَرْتُمْ بِهِ أنتم بلا مستند لكم في تكذيبه وإنكاره وَالحال قد شَهِدَ شاهِدٌ حبر ماهر مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عالم بالتوراة عَلى مِثْلِهِ اى مثل ما في القرآن أقر واعترف عبد الله بن سلام انه قد قرأ في التوراة أوامر واحكاما مثل ما في القرآن ووجد ايضا فيها من أوصاف القرآن ما يلجئه الى الايمان به فَآمَنَ به وصدق من انزل اليه وامتثل بما فيه وَقد اسْتَكْبَرْتُمْ أنتم عن الايمان والقبول بل كذبتم به وانكرتم عليه الستم ظالمين وبالجملة ما أنتم في انفسكم الا قوم ضالون ظالمون إِنَّ اللَّهَ المطلع على ما في استعدادات عباده لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ الخارجين عن مقتضى حدوده الموصلة الى زلال هدايته وتوحيده

وَمن شدة شقاقهم ونفاقهم قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اى لأجلهم وفي حقهم لَوْ كانَ الايمان بمحمد وبما أتى به من الدين خَيْراً مما نحن فيه ما سَبَقُونا إِلَيْهِ بأنواع الكرامة والجاه والثروة والسيادة إذ هو ومن تبعه كلهم اراذل سقاط رعاة فقراء فاقدين لوجه الكفاف ونحن اغنياء ذوو الخطر بين الناس انما قالته قريش حين افتخروا على المؤمنين وقصدوا اضلالهم وإذلالهم وَبالجملة لا تبال يا أكمل الرسل بهم وبعنادهم بك وبكتابك إِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ اى بالقرآن ولم ينكشفوا بحقيته بل فَسَيَقُولُونَ من جهلهم وضلالهم هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ وأساطير الأولين

وَعليك ان لا تلتفت مطلقا الى هذياناتهم وأباطيلهم الزائغة إذ قد جاء مِنْ قَبْلِهِ اى قبل كتابك كِتابُ مُوسى اى التوراة حال كونه إِماماً مقتدى لقاطبة الأنام وَرَحْمَةً شاملة فوائدها على كافة الخواص والعوام فكذبوه وأنكروا أحكامه وَهذا الكتاب الذي نزل

<<  <  ج: ص:  >  >>