للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الغفلة والضلال

وَلقد أرسلنا ايضا إِلى قوم عادٍ حين خرجوا عن ربقة الايمان وعروة التقوى أَخاهُمْ هُوداً اضافه إليهم بالاخوة المنبئة عن كمال الشفقة ووفور الاعطاف والمروءة قالَ مناديا مضيفا لهم الى نفسه ليقبلوا قوله ويمتثلوا بما جاء به من ربه يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ المظهر الموجد لكم من كتم العدم ورباكم بأنواع اللطف والكرم واعتقدوا يقينا انه ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ موجد مرب غَيْرُهُ فعليكم ان تعبدوه ايمانا به وعملا بما جاء من لدنه على أنبيائه ورسله حتى تتحققوا بمقر التوحيد وتتمكنوا في مقعد الصدق أَتنكرون وحدة الحق وتعبدون غيره من الآلهة الباطلة العاطلة فَلا تَتَّقُونَ ولا تحذرون عن بطشه واخذه

ثم لما سمعوا منه ما سمعوا قالَ الْمَلَأُ الأشراف الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إذ بعض الأشراف قد آمن به كمرثد بن سعد إِنَّا لَنَراكَ يا هود فِي سَفاهَةٍ عظيمة في دعوى الإرشاد والتكميل وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ في ادعاء الرسالة والنبوة مِنَ الْكاذِبِينَ

قالَ يا قَوْمِ لا تسفهوني ولا تكذبوني إذ لَيْسَ بِي سَفاهَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ من الله مرسل إليكم لهدايتكم مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ

انما جئتكم أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ فعليكم ان تتعظوا بعظتى وتتصفوا بعموم ما نصحت لكم بالهام الله إياي ووحيه لتكونوا من زمرة المؤمنين الموقنين

أَانكرتم وكذبتم امرى وهداي وَعَجِبْتُمْ بانهماككم في الغي والضلال من أَنْ جاءَكُمْ لإصلاح حالكم وإرشادكم ذِكْرٌ اى عظة وتذكير مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ موفق مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ عما يضلكم ويغويكم تفضلا وامتنانا عليكم وَلا تستبعدوا من الله أمثال هذا ولا تنكروها بل اذْكُرُوا عظائم نعمه عليكم إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وأورثكم ارضهم وديارهم وأموالهم وَزادَكُمْ بسببها فِي بين الْخَلْقِ بَصْطَةً تفوقا واستعلاء وترفعا واستيلاء فَاذْكُرُوا ايها المترفهون بنعم الله المغمورون بموائد كرمه آلاءَ اللَّهِ الفائضة عليكم واشكروا لها لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ تفوزون من عنده بشرف الرضا والتسليم ثم لما بالغ في نصحهم وإرشادهم وبلغ جهده في أداء الرسالة والتبليغ

قالُوا في جوابه من غاية قسوتهم ونهاية حميتهم مستفهما مقرعا أَجِئْتَنا ايها الكذاب السفيه لِنَعْبُدَ اللَّهَ الذي قد ادعيت أنت انه وَحْدَهُ لا شريك له ولا اله سواه وَنَذَرَ ما كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا من الآلهة الموروثة لنا من أسلافنا عبادتهم فاذهب يا مجنون أنت وإلهك فانا لا نؤمن بك وبه أصلا وان شئت فَأْتِنا بِما تَعِدُنا من العذاب والنكال وانواع الخسار والوبال إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ في دعواك ثم لما ايس هود عليه السّلام من هدايتهم وصلاحهم

قالَ قَدْ وَقَعَ اى قد نزل ووجب وحق عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وعذاب شديد تضطربون به وَغَضَبٌ نازل من عنده بحيث يستأصلكم بالمرة أَتُجادِلُونَنِي ايها المغضوبون عليكم بغضب الله سيما فِي أَسْماءٍ وأشياء قد سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ آلهة من تلقاء انفسكم وتعبدونها كعبادة الله عنادا مع انه ما نَزَّلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ اى حجة وبرهان تستدلون بها على عبادة هؤلاء التماثيل الباطلة العاطلة وبعد ما ظهر الحق فلم تقبلوه ايها المسرفون فَانْتَظِرُوا نزول العذاب إِنِّي مَعَكُمْ ايضا مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ روى انهم كانوا يعبدون الأصنام فلما بعث إليهم هود كذبوه وأصروا على ما هم عليه عتوا وعنادا بل زادوا على ما كانوا فامسك الله القطر عنهم ثلث سنين حتى جهدهم وكان من عادتهم إذا نزل عليهم البلاء توجهوا نحو البيت الحرام وتقربوا عنده وطلبوا من الله الفرج فجهزوا نحوه قيل بن عنز

<<  <  ج: ص:  >  >>