للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو لهم فيها مَغْفِرَةٌ ستر ومحو لأنانياتهم الباطلة ناشئة مِنْ رَبِّهِمْ الذي رباهم على الكرامة من عنده بعد ما جذبهم تحت قباب عزه ومكنهم في كنف جواره أهؤلاء المكرمون بهذه الكرامة العظمى والمقامة العليا كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ اى كالكافر الباغي الطاغي الذي قد خرج عن ربقة العبودية بمتابعة اهوية الامارة وأمانيها وظهر على الحق واهله بأنواع الإنكار والاستكبار وبسبب هذا قد صار مخلدا في نار القطيعة مؤبدا فيها لا نجاة له عنها وَهم من شدة عطشهم وحرقة أكبادهم إذا استسقوا سُقُوا ماءً حَمِيماً حارا في غاية الحرارة فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ بعد ما شربوا منه جرعة وذلك لعدم الفهم واعتيادهم بالعلوم اللدنية وبرد اليقين العلمي والعيني والحقي

وَمِنْهُمْ اى من المستوجبين بخلود النار ابد الآباد مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ يا أكمل الرسل حين دعوتك وتذكيرك وجلسوا في مجلسك صامتين مبهوتين حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ وانصرفوا عن مجلسك قالُوا من كمال غفلتهم وذهولهم عنك وعن كلامك وكلماتك وعدم ادراكهم بما فيها واصغائهم إليها لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ اى أصحابك المتذكرين عن كلامك الموفقين من عند الله على التصديق والإذعان بك وبكتابك ماذا قالَ اى أىّ شيء قال صاحبكم آنِفاً في هذا المجلس مع انهم معهم أُولئِكَ الأشقياء البعداء عن ساحة عز القبول هم الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وختم على سمعهم وأبصارهم وَلهذا قد اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وتركوا هدايتك يا أكمل الرسل ولم يقتبسوا النور من مشكاة النبوة ولم يلتفتوا الى هداية القرآن بل استهزؤا معه ومع الرسول عليه السلام المنزل اليه

وَالمؤمنون الَّذِينَ اهْتَدَوْا بهدايته صلّى الله عليه وسلّم قد زادَهُمْ استماع القرآن هُدىً على هدى وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ وبين لهم ما يعينهم على سلوك طريق التوحيد ويجنبهم عما يغويهم عن منهج الحق وصراط التحقيق وبالجملة

فَهَلْ يَنْظُرُونَ وما ينتظرون أولئك المطرودون المطبوعون في عموم أوقاتهم وحالاتهم إِلَّا السَّاعَةَ الموعودة أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فجاءة وكيف لا تأتيهم الساعة فَقَدْ جاءَ وظهر أَشْراطُها اى بعض اماراتها وعلاماتها التي من جملتها بعثة الحضرة الختمية الخاتمية المحمدية إذ ظهوره متمما لمكارم الأخلاق ومكملا لأمر التشريع والإرشاد من دلائل انقضاء نشأة الكثرة وطلوع شمس الوحدة الذاتية من آفاق ذرائر الكائنات وكيف ينتظرون الساعة ولا يهيئون اسبابها قبل حلولها وان تأتهم بغتة فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ اى كيف يفيد التذكر والاتعاظ وقت إذا جاءتهم الساعة فجاءة ومن اين يحصل لهم التدارك والتلافي حينئذ وبعد ما سمعتم حال الساعة وحلولها بغتة

فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ اى فاثبت أنت يا أكمل الرسل على جادة التوحيد الذاتي والتمكن على صراط الحق في عموم أوقاتك وحالاتك واشهد ظهور شمس الذات على صفائح عموم الذرات وشاهد انقهار جميع المظاهر والمجالى في وحدة ذاته واهد جميع من تبعك من المؤمنين الى هذا المشهد العظيم الذي هم فطروا عليه وجبلوا لأجله وَاسْتَغْفِرْ

في عموم أوقاتك لِذَنْبِكَ الذي صدر عنك أحيانا من الالتفات الى ما سوى الحق من العكوس والاظلال وَاستغفر ايضا لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ إذ أنتم كفيلهم وهاديهم الى طريق التوحيد وأمرهم ايضا بالاستغفار والاستعفاء لعل الله يغفر لهم ويوصلهم الى فضاء قربته وجنة وحدته وَبالجملة اللَّهُ المحيط بعموم أحوالكم ونشأتكم يَعْلَمُ بعلمه الحضوري مُتَقَلَّبَكُمْ اى موضع تقلبكم وانقلاباتكم في دار الاختبار ونشأة التلون والاعتبار وَمَثْواكُمْ اى موضع اقامتكم وتمكنكم في دار الاقامة

<<  <  ج: ص:  >  >>