للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطويلة بَلْ هُمْ اى هؤلاء الأخلاف قَوْمٌ طاغُونَ مشاركون في البغي والطغيان والضلال والعدوان مع أسلافهم في مقتضيات فطرتهم ولوازم جبلتهم لذلك اتصفوا بما اتصفوا لاشتراك أسبابهم وبعد ما قد أصروا على ما هم عليه من العناد ولم ينفعهم الآيات والنذر

فَتَوَلَّ عَنْهُمْ واعرض يا أكمل الرسل بعد ما بذلت وسعك في هدايتهم وإرشادهم فان لم يهتدوا فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ على اعراضك عنهم وانصرافك عن إرشادهم ودعوتهم بعد التبليغ

وَذَكِّرْ للقابلين المستحقين فَإِنَّ الذِّكْرى والعظة تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ الموفقين من لدنا على الايمان المجبولين على فطرة اليقين والعرفان

وَاعلم يا أكمل الرسل انى بمقتضى حكمتى ومصلحتي ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ وما أظهرت أشباحهم واظلالهم على هذه الهياكل والهويات وما صورتهم على هذه الصور البديعة وما أودعت فيهم ما أودعت من جوهر العقل المفاض إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ويعرفوني ويتحققوا بوحدة ذاتى وكمالات أسمائي وصفاتي وباستقلالى في وجودى وفي عموم تصرفاتي في ملكي وملكوتي وباستحقاقى للاطاعة والعبودية مطلقا بلا شوب شركة ومظاهرة من احد والا

ما أُرِيدُ وما اطلب مِنْهُمْ بخلقهم واظهارهم مِنْ رِزْقٍ اى تحصيل رزق صورى او معنوي ارزق به عبادي إذ خزائن ارزاقى مملوة وذخائر رحمتي متسعة وَما أُرِيدُ ايضا منهم أَنْ يُطْعِمُونِ الأعلى الفقراء الذين هم عيالي طلبا لمرضاتى كما جاء في الحديث صلوات الله على قائله يقول الله سبحانه استطعمتك فلم تطعمني اى لم تطعم عبدى الجائع وكيف يريد منهم سبحانه أمثال هذا

إِنَّ اللَّهَ المتوحد بالالوهية والربوبية هُوَ الرَّزَّاقُ المنحصر المخصوص في ترزيق عموم العباد إذ لا رازق لهم سواه وهو ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ والطول العظيم وهو الحاكم المقتدر الغالب على عموم مراداته ومقدوراته على وجه الاحكام من الانعام والانتقام وبالجملة

فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأنواع التكذيب والإنكار والاستهزاء والاستحقار ذَنُوباً اى حظا وافرا ونصيبا كاملا من العذاب العاجل والآجل مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ اى مثل نصيب أسلافهم من الكفرة المكذبين للرسل الماضين وسيلحقهم مثل ما لحقهم بل أضعافه وآلافه فَلا يَسْتَعْجِلُونِ لحوقه وحلوله أولئك المنكرون وبالجملة

فَوَيْلٌ عظيم وعذاب شديد هائل نازل لِلَّذِينَ كَفَرُوا ستروا الحق واعرضوا عنه وأظهروا الباطل وأصروا عليه عنادا مِنْ يَوْمِهِمُ الفظيع الفجيع الَّذِي قد كانوا يُوعَدُونَ به في النشأة الاولى ألا وهو يوم القيامة والطامة الكبرى المعدة لتعذيب العصاة الغواة وتفضيحهم فيها. جعلنا الله من الآمنين الناجين من عذابه بفضله ولطفه

[خاتمة سورة الذاريات]

عليك ايها الموحد المجبول على فطرة المعرفة والتوحيد واليقين ان تتفكر في حكمة ظهورك ومصلحة بروزك من كتم العدم وتتدبر في معرفة نفسك في عموم احوالك لينكشف لك من التأمل فيها الاطلاع على موجدها ومظهرها وعلى اتصافه بالأوصاف الكاملة والأسماء الشاملة ثم منها الى توحيده واستقلاله في الوجود وعموم الآثار المترتبة عليه حتى تفوز الى غاية قصواك ونهاية مبتغاك من اليقين والايمان وكمال ما يترتب على ظهورك من التوحيد والعرفان والله المستعان وعليه التكلان

<<  <  ج: ص:  >  >>