للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الأرض متبالغا في العتو والعناد والغلبة على العباد أقصى الغاية

وَبالجملة لَقَدِ اخْتَرْناهُمْ اى بنى إسرائيل واصطفيناهم من بين سائر الأمم المعاصرين معهم عَلى عِلْمٍ متعلق منا إياهم بأنهم أحقاء بالرياسة والسيادة وانواع الثروة والجاه عَلَى الْعالَمِينَ لكثرة ظهور الأنبياء والرسل فيهم ومنهم

وَبعد ما اخترناهم آتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ العظام الدالة على كمال اختصاصهم بمزيد الشرف والكرامة ما فِيهِ بَلؤُا واختبار مُبِينٌ ظاهر نختبر به إخلاصهم ورسوخهم على الايمان. ثم لما أوضح سبحانه تفضيح حال المجرمين المكذبين لرسل الله قال

إِنَّ هؤُلاءِ المسرفين المكذبين لك يا أكمل الرسل يعنى قريشا خذلهم الله لَيَقُولُونَ من غاية انكارهم بقدرة الله وبما اخبر به الرسول ونطق به الكتاب من الأمور المتعلقة بالنشأة الآخرة

إِنْ هِيَ اى الموتة التي تعرض لنا إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى التي تطرأ علينا في دار الدنيا وتزيل حياتنا عنا وَبالجملة ما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ مبعوثين من قبورنا احياء ثم نحشر للحساب والجزاء كما زعمتم ايها المفترون الكاذبون وان أردتم تصديقنا إياكم في هذه الدعوى

فَأْتُوا بِآبائِنا الذين قد انقرضوا وأسلافنا الذين مضوا احياء كما كانوا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في دعواكم وبالجملة انما قالوا ما قالوا تهكما واستهزاء وبعد ما قد أصروا على عنادهم وبالغوا في انكارهم رد الله عليهم على ابلغ وجه وآكده بقوله مستفهما على سبيل التقريع والتوبيخ

أَهُمْ يعنى قريشا خذلهم الله خَيْرٌ مالا وجاها وثروة وسيادة أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ اسم لمن ملك الحمير ككسرى لملوك الفارس وقيصر لملوك الروم والمراد ابو كرب (٥) سعيد بن منيل آمن بنبينا قبل مبعثه فتنحى عنه قومه معللين انك قد تركت ديننا وأرادوا مقته فاخذهم الله بجرمهم هذا فاهلكهم وَالَّذِينَ مضوا مِنْ قَبْلِهِمْ من الأمم الهالكة كعاد وثمود أَهْلَكْناهُمْ مع شدة قوتهم وبسطتهم وكثرة شوكتهم وبالجملة إِنَّهُمْ بأجمعهم قد كانُوا أقواما مُجْرِمِينَ بالجرائم العظام الموجبة للمقت والهلاك أمثال جرائمكم ايها المجرمون المسرفون

وَبالجملة ما خَلَقْنَا وأظهرنا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما من الممتزجات لاعِبِينَ عابثين بلا طائل بل

ما خَلَقْناهُما واظهرناهما على هذا النمط والنظام العجيب المشتمل على انواع التغيرات من الكائنات والفاسدات إِلَّا بِالْحَقِّ ليستدلوا بها على وحدة ذاتنا وكمال علمنا وقدرتنا ومتانة حكمتنا واستقلالنا في تدبيراتنا وتصرفاتنا في ملكنا وملكوتنا وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لقصور نظرهم عن ادراك الحكم والأسرار الإلهية لا يَعْلَمُونَ ولا يشعرون الا المحسوسات العادية وبالجملة ما أولئك الحمقى الهلكى القاصرون عن النظر والاستدلال القانعون باللذات الوهمية البهيمية من هذا النظام العجيب الا كالأنعام والهوام بل هم أضل سبيلا وأسوأ حالا منها اذكر لهم يا أكمل الرسل

إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ الذي يمتاز فيه المحق عن المبطل والهادي المهتدى عن الضال المضل مِيقاتُهُمْ وموعد جزائهم وقطع خصوماتهم أَجْمَعِينَ فيجازى كل منهم حسب ما حوسب ان خيرا فخير وان شرا فشر واذكر ايضا

يَوْمَ لا يُغْنِي لا يدفع ولا يرفع مَوْلًى عَنْ مَوْلًى قرابة عن قرابة شَيْئاً من الإغناء والدفع مما كتب له من الجزاء ثوابا كان او عقابا وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ اى لا ينصر بعضهم ببعض على سبيل المظاهرة والمعاونة

إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ بمقتضى فضله وجوده او قبل شفاعة احد في حق احد عناية منه وعفوا إِنَّهُ سبحانه هُوَ الْعَزِيزُ الغالب القادر على عموم مراداته الرَّحِيمُ المشفق على عباده عند انابتهم ورجوعهم نحوه فانه يقبل توبتهم ويعفو زلتهم. ثم قال سبحانه

إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ المعدة

<<  <  ج: ص:  >  >>