للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِينَ قد أَضَلَّانا عن طريق توحيدك وتصديق كتبك ورسلك الكائنين مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ اى المضلين اللذين قد أضلانا من هذين الجنسين بأنواع الوساوس والتلبيسات والتغريرات نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لننتقم عنهم جزاء ما قد فوتوا عنا سعادة الدارين وفلاح النشأتين وانما نرجو منك هذا يا مولانا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ التابعين لنا كما قد كنا كذلك بالنسبة إليهم في النشأة الاولى وبالجملة انما قالوا ما قالوا تحسرا وتضجرا. ثم قال سبحانه على مقتضى سنته في كتابه

إِنَّ الموحدين الَّذِينَ قالُوا في السراء والضراء وفي السر والعلن رَبُّنَا اللَّهُ الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد ثُمَّ اسْتَقامُوا وثبتوا على ما اعترفوا وأقروا بأعمالهم وأحوالهم ونياتهم المترتب عليها عموم أفعالهم تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ وعلى اعانتهم وشرح صدورهم وتهذيب أخلاقهم الْمَلائِكَةُ المترصدون لأمر الله القائمون لحكمه قائلين لهم مبشرين إياهم أَلَّا تَخافُوا على فرطاتكم التي صدرت عنكم قبل انكشافكم بسرائر التوحيد واليقين وَلا تَحْزَنُوا بما جرى عليكم من مقتضيات بشريتكم وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ بألسنة انبيائكم ورسلكم الهادين المهديين وكما وفقناكم على انكشاف سرائر توحيدنا والتخلق باخلاقنا

نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ

نتولى عموم أموركم كذلك بحيث نكون سمعكم وبصركم وجميع قواكم وجوارحكم فِي الْحَياةِ الدُّنْيا

حسب اسمنا الظاهر وَفِي الْآخِرَةِ

ايضا كذلك حسب اسمنا الباطن

وَبالجملة لَكُمْ

منا وراء ذلك تفضلا من لدنا وإحسانا فِيها

اى في الآخرة ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ

من اللذات الروحانية حسب استعداداتكم الفطرية وقابلياتكم الجبلية الفائضة عليكم حسب جودنا الواسع

وَبالجملة لَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ

تطلبون وتتمنون وقت دعائكم في نشأة الدنيا حسب عقولكم وهوياتكم كل ذلك قد صار

نُزُلًا معدا لكم قبل نزولكم فيها تفضلا عليكم وإحسانا مِنْ غَفُورٍ ستار لأنانياتكم محاء لذنوب هوياتكم رَحِيمٍ موصل لكم بمقتضى سعة رحمته وجوده الى زلال توحيده

وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا وأصلح عملا وأكمل ايمانا واعتقادا وأتم معرفة وتوحيدا مِمَّنْ دَعا اى ارشد وهدى إِلَى اللَّهِ الواحد الأحد الفرد الصمد المستقل بالالوهية والربوبية المتفرد بالوجود والديمومية وَمع ذلك قد عَمِلَ عملا صالِحاً مطابقا موافقا لصفاء مشرب التوحيد مجتنبا عن رعونات العجب والرياء وتخمينات التقليد والهوى وَبالجملة قالَ بعد ما نال الى ما نال وفنى إِنَّنِي مِنَ زمرة الْمُسْلِمِينَ المسلمين المنقادين المفوضين الى الله جميع ما لاح عليهم من بروق تجلياته الجمالية والجلالية ومالي ايضا الا التسليم والرضاء بعموم ما مضى عليه القضاء. ثم قال سبحانه على سبيل التعليم والإرشاد لعموم العباد

وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ اى لا يستوي جنس الحسنات بل هي متفاوتة في الحسن والبهاء وَلَا السَّيِّئَةُ وكذا لا يستوي جنس السيئات ايضا كذلك إذ بعضها أسوأ من بعض ادْفَعْ ايها السالك القاصد سلوك طريق التوحيد من جادة العدالة المنكشفة لأكمل الرسل وأفضل الأنبياء الهادين المرشدين الى بحر الوحدة الذاتية من جداول الأسماء والصفات المترشحة منها حسب تموجاتها وتطوراتها المتفرعة على شئوناتها الذاتية بِالَّتِي اى بالخصلة الحسنة التي هِيَ أَحْسَنُ الحسنات أسوأ السيئات وداوم عليها وتخلق بها حتى تستوي وتستقيم أنت على جادة العدالة الإلهية وبعد استقامتك وتحققك في هذه المرتبة فَإِذَا الَّذِي قد كان بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ مستمرة ناشئة من القوى البهيمية من كلا الطرفين

<<  <  ج: ص:  >  >>