للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْدِيَهُمْ حين كنتم مشغولين في الصلاة ويفاجئوا عليكم بغتة ويستأصلوكم مرة فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ بالوحي على نبيكم امتنانا وتفضلا عليكم وَبالجملة اتَّقُوا اللَّهَ الحفيظ الرقيب عليكم من ان تخالفوا امره وَعَلَى اللَّهِ في كل الأمور فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ الموقنون بوحدانيته بحفظه وحمايته. ثم لما أراد سبحانه تقرير المؤمنين على الايمان وتثبيت قدمهم على جادة التوحيد والعرفان استشهد عليهم تزلزل بنى إسرائيل وعدم رسوخ قدمهم في الايمان والإطاعة مع أخذ المواثيق الوثيقة والايمان الغلاظ منهم على لسان نبيهم صلوات الرّحمن على نبينا وعليه

فقال وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ العليم الحكيم بلسان موسى الكليم مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ اى العهد الوثيق منهم بعد ما خلصوا من فرعون وورثوا منه ما ورثوا واستقروا على ملك مصر وَذلك انا قد بَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً من نجبائهم ونخبائهم من كل فرقة نقيب مسلم بينهم رئاسة ووجاهة وجاها وثروة وبالجملة كل من النقباء يولى امر فرقته عند نبينا موسى عليه السّلام فعهدوا بأجمعهم ان يسيروا مع موسى الى اريحاء في الشام حين أوحينا اليه بالسير والسفر نحوه فساروا الى ان وصلوا اليه وكان فيه الجبابرة الكنعانيون فلما أراد موسى عليه السّلام ان يفتش عن أحوالهم ويفحص عن اخبارهم أرسل النقباء جواسيس وعيونا يتجسسون العدو ولا يظهرون ما اطلعوا عليه من حال العدو على فرقهم فذهبوا وتجسسوا فلما رأوا العدو ذوى قوة واولى بئس شديد هابوا منهم وترهبوا فرجعوا الى قومهم فأخبروا لهم ما ظهر عليهم من شوكة العدو وبالجملة نقضوا العهود والمواثيق الا قليلا منهم فانصرفوا ورجعوا جميعا وَمع ذلك قالَ اللَّهُ الرقيب الحفيظ عليهم حين أمرهم إِنِّي مَعَكُمْ أنصركم على عدوكم وأخرجهم منها صاغرين فو عزتي وجلالي لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ على الوجه الذي وصل إليكم من نبيكم وامر في كتابكم وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ على الوجه المشروع وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي بلا تفريق بينهم وَعَزَّرْتُمُوهُمْ عظمتموهم ونصرتموهم في إعلاء كلمة الحق واشاعة احكام الدين القويم وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ الحكيم العليم مما في أيديكم من مزخرفة الدنيا قَرْضاً حَسَناً اى إنفاقا للفقراء والمساكين بلا شوب المن والأذى لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ ولأمحون عن ديوان أعمالكم سَيِّئاتِكُمْ بأسرها البتة وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جزاء إخلاصكم وانفاقكم جَنَّاتٍ منتزهات ثلثة العلم والعين والحق تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ مملوة بمياه الحقائق والمعارف فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ اى بعد ما سمع التذكير والعظة من الله فَقَدْ ضَلَّ وفقد سَواءَ السَّبِيلِ لا دواء لدائه ولا رجاء لإنجائه. اللهم اهدنا بجودك الى سواء السبيل

فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وبعدم وفائهم للعهود الوثيقة المؤكدة قد لَعَنَّاهُمْ وطردناهم عن ساحة فضاء التوحيد وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً مظلمة مكدرة بظلمة الإمكان الى حيث يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ المثبتة في كتاب الله لإعلاء كلمة توحيده عَنْ مَواضِعِهِ التي وضعها الحق فيها وَنَسُوا حَظًّا ونصيبا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ اى بالتورية ووعظوا عنه واستفادوا منه مع انهم مجبولون على فطرة العظة والتذكير وَصاروا من غاية القساوة والنسيان بحيث لا تَزالُ تَطَّلِعُ دائما مستمرا عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ متبالغ في الخيانة إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وهم الذين آمنوا بك وأنصفوا حيث أظهروا جميع ما في التورية ولم يحرفوها فَاعْفُ عَنْهُمْ يا أكمل الرسل بعد ما أنصفوا ورجعوا عن التحريف وان حرفوها زمانا وَاصْفَحْ وانصرف عن انتقامهم الى الإحسان

<<  <  ج: ص:  >  >>