للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نزوله قصدوا إهلاك صالح ومن معه قبل هلاكهم حيث

قالُوا فيما بينهم تَقاسَمُوا بِاللَّهِ بان حلف كل منهم عند صاحبه لَنُبَيِّتَنَّهُ ولنهلكنه قبل إتمام العذاب علينا وَأَهْلَهُ ايضا ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ عند طلب ثأره مبالغين في الإنكار ما شَهِدْنا في مدة عمرنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ يعنى المكان الذي أهلك فيه صالح فكيف قتلنا إياه ونؤكد قولنا هذا بالقسم ايضا عند وليه ونقسم وَالله إِنَّا لَصادِقُونَ في قولنا هذا

وَبالجملة ما لنا علم بإهلاكه ومهلكه ومهلكه وبالجملة قد مَكَرُوا واحتالوا لمقت نبينا مَكْراً بليغا وَقد مَكَرْنا ايضا لهلاكهم واستئصالهم مَكْراً ابلغ من مكرهم إذ قد أمرنا للملائكة حين يمّم أولئك الماكرون المفسدون لقتل نبينا صالح وأخذوا يطلبونه ليرجموه بالحجارة ان يصيحوا عليهم حين قصدهم واشتغالهم لرجمه فصاحوا حينئذ عليهم بالصيحة الهائلة وَهُمْ حالتئذ من شدة هولهم وفزعهم لا يَشْعُرُونَ لا الصائح ولا الصالح ولا الرماة ولا العداة الطغاة فهلكوا بالمرة بلا وصول الى مرامهم

فَانْظُرْ ايها الناظر المعتبر كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ راجعة واصلة إليهم لاحقة بهم وبالجملة أَنَّا من مقام قهرنا وجلالنا قد دَمَّرْناهُمْ وأهلكناهم اى التسعة المتقاسمين وَقَوْمَهُمْ ومن معهم أَجْمَعِينَ بحيث لم يبق منهم احد يخلفهم

فَتِلْكَ الاطلال الخربة والرسوم المندرسة والدور المنكوسة بُيُوتُهُمْ ومساكنهم التي شيدوها وحصنوها مدة حياتهم بأنواع التشييدات والترصينات والتجصيصات انظر كيف صارت خاوِيَةً ساقطة جدرانها على سقوفها منعكسة منكوسة كل ذلك بِما ظَلَمُوا وبشؤم ما خرجوا عن مقتضى الحدود الإلهية عتوا واستكبارا إِنَّ فِي ذلِكَ المكر والإهلاك لَآيَةً دالة على كمال قدرتنا على انتقام من خرج عن ربقة الانقياد واطاعتنا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَبعد ما أهلكناهم صاغرين قد أَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا بتوحيدنا وصدقوا رسلنا سالمين غانمين من أمتعتهم وأموالهم وَهم من كمال إخلاصهم في الايمان وخشيتهم عن ما له الظلم والعدوان قد كانُوا يَتَّقُونَ ويحذرون من قهرنا وغضبنا ولا يسيئون الأدب معنا ومع رسلنا

وَمن مقتضيات حكمتنا المتقنة ايضا قد أرسلنا لُوطاً الى قوم قد خرجوا عن مقتضى حدودنا تاركين طريق حكمة التناسل والتوالد وإبقاء النوع مبدلين لها الى ما هو مذموم عقلا وشرعا وعرفا وعادة ومروءة وطبعا وفطنة وفهما اذكر يا أكمل الرسل إِذْ قالَ لوط عليه السلام لِقَوْمِهِ مستفهما منهم على سبيل الإنكار والتوبيخ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ والفعلة القبيحة الشنيعة وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ وتشاهدون قبحها وشنعتها وقت ما فعلتم وأتيتم

أَإِنَّكُمْ ايها المسرفون المستعبدون العابدون للشهوة مثل الحمار لَتَأْتُونَ الرِّجالَ الذين هم أمثالكم في الرجولية شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ مع ان الحكمة الإلهية تقتضي إتيانهن للتناسل وبقاء النوع كسائر انواع الحيوانات وهؤلاء الحيوانات مع جهلهم لا يخرجون عن مقتضى الحكمة وأنتم ايها الحمقى مع انكم مجبولون على العقل الفطري المميز بين الذمائم من الأخلاق والأطوار وحميدتها تخرجون عن مقتضاها بَلْ أَنْتُمْ بفعلتكم هذه قَوْمٌ تَجْهَلُونَ منسلخون عن مقتضى الإدراك المميز للإنسان عن سائر الحيوانات العجم إذ لا يتأتى منها أمثال هذه الا من الحمار الأرذل الأنزل انظروا ماذا شريككم في فعلتكم هذه ايها الحمقى المسرفون المفرطون

فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ بعد ما سمعوا منه انواع التشنيعات والتقريعات إِلَّا أَنْ قالُوا من فرط انهماكهم في الغي والضلال ونهاية عمههم وسكرتهم في رق شهواتهم ولذاتهم البهيمية

<<  <  ج: ص:  >  >>