للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنفسهم الى قعر الإمكان المفضى الى أسفل دركات النيران وَبالجملة أُولئِكَ المحرومون عن لذة التوحيد أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ الى ما شاء الله لا حول ولا قوة الا بالله

ثم قال سبحانه إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بالتوحيد الذاتي وادي ايمانهم الى ان قد وصلوا بمرتبة اليقين العلمي وَالَّذِينَ هاجَرُوا وتركوا ما يضاده وينازعه الى ان وصلوا الى مرتبة اليقين العيني وَبعد ذلك جاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ مع نفوسهم الى ان وصلوا بل اتصلوا وحصلوا باليقين الحقي أُولئِكَ المقربون المتدرجون في طريق الوصول يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ ما داموا في السلوك باشباحهم وَاللَّهُ المطلع بضمائر عباده غَفُورٌ ساتر لهم أشباحهم عن عيون بصائرهم رَحِيمٌ لهم يوصلهم الى ما يتوجهون اليه حسب فطرتهم الاصلية من جنة الذات بمنه وجوده أدركنا بلطفك يا خفى الألطاف

يَسْئَلُونَكَ يا أكمل الرسل عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ أهما من المحرمات الإلهية أم لا قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ اما في الخمر فلكونه معطلا للقوى المدركة مزيلا للعقل الجزئى المودع في هيكل الإنسان ليتوصل به الى العقل الكل المتفرع على الاسم العليم الشامل لجميع ما كان ويكون الا وهو اللوح المحفوظ والكتاب المبين واما في الميسر فلكونه متلفا للمال الذي هو سبب تعمير البدن الذي هو مخزن جوهر العقل المركوز ومركب الروح الذي اختص الله به الإنسان وبه استحق رتبة الخلافة والنيابة الإلهية وَبالجملة وان كان فيهما مَنافِعُ لِلنَّاسِ اى لبعضهم من المرضى الذين لا يمكنهم العلاج بدون ازالة عقولهم به او التداوى لهم منحصر في الخمر عند اصحاب الطب ومن استغناء بعض السفلة من الناس واسترزاقهم بالميسر وَلكن إِثْمُهُما عند اولى النهى واليقين أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما عندهم بل لا نفع فيهما بالنسبة إليهم إذ لا يبقى لهم علاقة مع أبدانهم ليصلحوها او يصححوها بالتداوى وَايضا يَسْئَلُونَكَ يا أكمل الرسل ماذا يُنْفِقُونَ اى من اى شيء ينفقون وعلى اى وجه ينفقون قُلْ يا أكمل الرسل نيابة عنا أنفقوا الْعَفْوَ اى الفاضل من أموالكم لئلا تتضرروا بالجهد وليسهل عليكم التجاوز عنه ولا يشق على انفسكم إنفاقه كَذلِكَ اى على الوجه الأحسن الأسهل يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ جميع الْآياتِ المنزلة عليكم والاحكام الموردة لإصلاح حالكم لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ رجاء ان تتأملوا

فِي الدُّنْيا اى في الآيات المتعلقة لأمور الدنيا فتتصفوا بها فيها وَايضا تتأملوا في الآيات المتعلقة لأمور الْآخِرَةِ فتحققوا بها وتتمكنوا عليها وتطمئنوا بسببها ليتم لكم تهذيب الظاهر والباطن وبعد ذلك يترتب على وجودكم وظهوركم ما يترتب وَيَسْئَلُونَكَ ايضا عَنِ الْيَتامى الذين لم يبلغوا الحلم ولا متعهد لهم من ذوى القربى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ أحوالهم خَيْرٌ وثواب عظيم للمؤمنين من ابقائهم في المذلة والهوان وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ من غاية المرحمة والاشقاق فَإِخْوانُكُمْ في الدين يجزيكم الله خيرا ان كنتم قاصدين فيه إصلاحهم ورعايتهم دون إفساد مالهم وعرضهم وَاللَّهُ المطلع بما في ضمائر عباده يَعْلَمُ ويميز الْمُفْسِدَ المبطل منكم مِنَ الْمُصْلِحِ المحق فيجازى كلا منهم على مقتضى علمه بهم وَلَوْ شاءَ اللَّهُ المطلع لإفسادكم واعناتكم ان يعنتكم ويفسد عليكم لَأَعْنَتَكُمْ اذلكم وافسدكم البتة أشد من افسادكم واعناتكم إياهم إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غالب قادر على وجوه الانتقام حَكِيمٌ لا ينتقم بلا موجب

وَمن جملة الاحكام الموضوعة لإصلاحكم ان لا تَنْكِحُوا ايها المؤمنون النساء الْمُشْرِكاتِ الكافرات حَتَّى يُؤْمِنَّ لئلا يختلط ماءكم بمياههن وليوجد

<<  <  ج: ص:  >  >>