للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتم العدم ولم تكونوا شيأ مذكورا واحذروا عن بطشه وانتقامه فان بطشه شديد وعذابه لعصاة عباده اليم مزيد وَاخْشَوْا يَوْماً اىّ يوم هو يوم لا يَجْزِي لا يسقط ولا يحمل والِدٌ مع كمال عطفته ورأفته عَنْ وزر وَلَدِهِ شيأ حقيرا قليلا وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ متحمل قاض عَنْ وزر والِدِهِ شَيْئاً بل كل نفس يومئذ رهينة بما كسبت ضمينة بما اكتسبت بمقتضى ما وعد الله لها وكتب وبالجملة إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ الذي قد وعده لعباده حَقٌّ لا ريب في إنجازه ولا خلف في وقوعه فَلا تَغُرَّنَّكُمُ ايها المجبولون على الغفلة والغرور الْحَياةُ الدُّنْيا بتغريراتها وتلبيساتها من مالها وجاهها ولذاتها الفانية الغير القارة وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ وعفوه وغفرانه وسعة رحمته وجوده الْغَرُورُ اى الشيطان المبالغ في الغرور والتغرير بان يجبركم على المعاصي اتكالا على عفو الله وغفرانه. ثم لما اتى الحرث بن عمرو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال متى تقوم الساعة وانى قد ألقيت بذرا على الأرض فمتى تمطر السماء وامرأتى ذات حمل وحملها ذكر أم أنثى وما اعمل انا غدا وفي اين أموت وادفن فنزلت

إِنَّ اللَّهَ المستقل باطلاع الغيوب عِنْدَهُ وفي حيطة حضرة علمه ولوح قضائه عِلْمُ السَّاعَةِ وتعيين وقت قيامها ولم يطلع أحدا عليها سوى انه سبحانه قد اخبر بوقوعها وقيامها في جميع الكتب المنزلة من عنده سبحانه على رسله وَايضا هو سبحانه يُنَزِّلُ الْغَيْثَ حسب اطلاعه ولم يطلع أحدا بوقت نزوله وَيَعْلَمُ ايضا هو سبحانه حسب علمه الحضوري ما فِي الْأَرْحامِ ولم يطلع أحدا عليه وَايضا ما تَدْرِي وما تعلم نَفْسٌ من النفوس الخيرة والشريرة مطلقا ماذا تَكْسِبُ وأى شيء تعمل غَداً وان تدبرت وتدربت وبذلت جهدها وسعيها لا تفوز الى دراية احوال غدها بل يومها بل ساعتها ولحظها وطرفتها بل ما هي ايضا في نفسها الا من جملة المغيبات التي قد أحاط بها علمه سبحانه خاصة بلا اطلاع احد عليها وَما تَدْرِي وما تعلم نَفْسٌ ايضا وان بالغت في السعى وبذل الجهد والطاقة بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ بل هو ايضا من جملة الغيوب التي قد استأثر الله بها وبالجملة إِنَّ اللَّهَ المستقل بالالوهية والربوبية المستجمع لجميع أوصاف الكمال عَلِيمٌ لا يعزب عن حيطة حضرة علمه المحيط ذرة خَبِيرٌ لا يخرج عن حيطة خبرته طرفة وان كان لا يكتنه لمية علمه وخبرته والله اعلم بحقائق أسمائه وصفاته وبدقائق معلوماته ورقائق آثاره ومصنوعاته المترتبة عليها. ربنا زدنا بفضلك وجودك علما منك ينجينا عن الجهل بك وباسمائك واوصافك انك على ما تشاء قدير وبانجاحه حقيق جدير

[خاتمة سورة لقمان]

عليك ايها الموحد المتحقق بمقام التوحيد المتمكن في مقعد الصدق خاليا عن امارات التخمين والتقليد ان لا تتأمل ولا تتمنى بل لا تتخمن في نفسك حصول ما لا يسع في وسعك وطاقتك من الأمور التي ليس في استعدادك وقابليتك حصولها وانكشافها دونها إذ الإنسان وان سعى وبذل جهده في طريق العرفان بعد ما وفقه الحق وجذبه نحوه لا يبلغ الا الى التخلق بأخلاق الله تعالى والفناء في ذاته منخلعا عن لوازم ناسوته بقدر ما يمكن له ويسع في قابليته واستعداده واما الاطلاع على جميع معلوماته سبحانه والانكشاف بالمغيبات التي قد استأثر الله في غيب ذاته فأمر لا يحوم حوله ادراك احد من الأنبياء والرسل والكمل من ارباب الولاء والمحبة الخالصة بل لا ينبغي ولا يليق ان يتفوه

<<  <  ج: ص:  >  >>