للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للنجاة لأخريكم في أولئكم واعدوا زاد عقباكم في دنياكم مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ يتدارك ويتلافى المقصر بالإنفاق والصدقة بعض تقصيراته وَايضا لا يقبل فيه خِلالٌ وشفاعة من خليل شفيع وصديق حميم يشفع للجرائم والتقصيرات وكيف لا تستعدون ايها المكلفون بعد ما أمركم الله باعداده وسهل أسبابه عليكم

إذ اللَّهُ الموفق على عباده اسباب معادهم هو الخالق المدبر المصلح الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ اى العلويات المعدة للافاضة والإحسان من الأسماء والصفات وَالْأَرْضَ اى السفليات القابلة للفيض والقبول من الطبائع والأركان وَأَنْزَلَ وأفاض مِنَ جانب السَّماءِ ماءً وعلما لدنيا فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ انواع الثَّمَراتِ الصورية والمعارف والمكاشفات والمشاهدات التي هي عبارة عن الثمرات المعنوية لتكون رِزْقاً لَكُمْ مقوما لأمزجتكم مبقيا لحياتكم الصورية والمعنوية لتواظبوا على طاعة الله واعداد زاد يوم الميعاد وَمع ذلك قد سَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ والسفن الجارية التي هي أبدانكم واجسامكم لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ اى بحر الوجود بِأَمْرِهِ وبمقتضى مشيئته وارادته لتسيروا معها الى حيث شئتم وتتجروا بها وتربحوا من المعارف والحقائق وَايضا قد سَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ الجارية والقوى الروحانية المملوة بمياه العلوم اليقينية السارية السائرة على بسيط الأرض وفضاء القوابل من السنة الأنبياء والأولياء ليسهل لكم إخراج الجداول منها للحراثة والزراعة الصورية والمعنوية

وَسَخَّرَ لَكُمُ ايضا الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وقد صيرهما دائِبَيْنِ دائرين مختلفين في سيرهما شتاء وضيفا خريفا وربيعا لإنضاج ما تحرثونه وتزرعونه وايضا قد وضع بينكم مرتبتي النبوة والولاية وادارهما بينكم على تفاوت طبقاتكم أبرارا وشطارا اقطابا وابدالا لتنجذبوا نحو الحق وتتصلوا ببحر الوحدة وَايضا قد سَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ والعدم والوجود لسباتكم ومعاشكم وسيركم وسلوككم نحو وحدة الذات

وَبالجملة قد آتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ بلسان استعداداتكم وقابلياتكم من متممات نفوسكم ومكملات ادراككم وَبالجملة قد بلغ انعامه وإحسانه سبحانه إياكم في الكثرة الى حيث إِنْ تَعُدُّوا وتحصوا نِعْمَتَ اللَّهِ الفائضة عليكم لتربيتكم وتقويتكم لا تُحْصُوها ولا يسع لكم احصاؤها من نهاية كثرتها ووفورها فعليكم ان تواظبوا على شكرها وأداء شيء من حقها وان كانت القوة لا تفي بأدائها بل بأداء شيء منها على وجهها لكن قليل منكم تشكرون نعمه إِنَّ الْإِنْسانَ المجبول على الغفلة والنسيان في اصل فطرته باعتبار قوى بشريته وبهيميته لَظَلُومٌ مظلوم محزون عند لحوق الشدة وهجوم البلاء كَفَّارٌ مبالغ في الكفران والنسيان وقت الفرح والسرور

وَاذكر يا أكمل الرسل وقت إِذْ قالَ جدك إِبْراهِيمُ الخليل الجليل صلوات الله عليه حين ناجى مع الله بعد ما قد عمر مكة شرفها الله رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ الذي تأمرنى بتعميره آمِناً ذا أمن وأمان من تخريب العدو وتغييره وَاجْنُبْنِي وبعدنى وَبَنِيَّ ايضا عن أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ بتسويلات الاهوية الفاسدة وتغريرات الشياطين المضلة المغوية

رَبِّ إِنَّهُنَّ اى الأوثان والأصنام بإظهارك بعض الخوارق عليها ابتلاء منك وفتنة لعبادك قد أَضْلَلْنَ وصرفن كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عن جادة توحيدك فَمَنْ تَبِعَنِي منهم بعد دعوتي إياهم الى توحيدك فَإِنَّهُ مِنِّي وعلى ملتي وديني وَمَنْ عَصانِي ولم يقبل قولي وأصر على ما هو عليه فَإِنَّكَ بمقتضى فضلك وجودك غَفُورٌ قادر على العفو

<<  <  ج: ص:  >  >>