للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطاب الهائل وعاتبه بهذا العتاب الهائب ليتنبه المؤمنون ويتفطنوا بكمال غيرة الله المتفرد المتوحد القهار للاغيار مطلقا

وَبعد ما قد ظهر عندك يا أكمل الرسل غوائل الشرك بالله ولاح دونك ما يترتب عليه من القهر الإلهي وغضبه أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ وقرابتك سيما الْأَقْرَبِينَ منهم واهتم بشأنهم أشد اهتماما حتى تنقذهم من الشرك المستجلب لانواع الغضب والعذاب من قبل الحق

وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ وآمن لك منهم اى لين جانبك نحوهم وابسط موانستك معهم ومصاحبتك إياهم حتى صار كلهم مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الموحدين الناجين من عذاب الله وسخطه

فَإِنْ عَصَوْكَ وانصرفوا عنك واعرضوا عن موانستك بعد ما قد لنت لهم وواسيت معهم ولم يقبلوا منك دعوتك وإنذارك فَقُلْ مستبرأ منهم مستنزها نفسك عنهم وعن أعمالهم إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ يعنى منكم ومن عملكم الذي أنتم تعملونه مصرين مستكبرين

وَان عادوك وعاندوا معك الى ان قصدوا مقتك تَوَكَّلْ في دفعهم ورفع مؤنتهم عَلَى الْعَزِيزِ الغالب لقهر الأعداء القادر المقتدر على غضبهم وانتقامهم بأنواع البلاء والعناء الرَّحِيمِ على الأولياء ينصرهم على أعاديهم ويدفع عنهم شرورهم وكيف لا يرحمك يا أكمل الرسل ولا يكفيك ولا يكف عنك مؤنة أعدائك

الَّذِي يَراكَ

اى القيوم القادر الذي يشهدك ويشاهدك حِينَ تَقُومُ

من منامك خلال الليالى طلبا لمرضاته ورفعا لحاجاتك نحوه

وَايضا يشاهد تَقَلُّبَكَ وترددك جوف الليل فِي تفقد احوال المؤمنين السَّاجِدِينَ المتذللين نحو الحق الواضعين جباههم على تراب المذلة والانكسار شوقا اليه وتحننا نحوه من افراط المودة ومن شدة اشتعال نار العشق والمحبة الإلهية المطفئة لنيران الاهوية الفاسدة والآراء الباطلة وكيف لا يتذللون اليه سبحانه ولا يتمنون نحوه

إِنَّهُ بذاته هُوَ السَّمِيعُ لمناجاتهم وعرض حاجاتهم الْعَلِيمُ لمقاصدهم وطيب أغراضهم وخلوص نياتهم وإخلاصهم في أعمالهم وبعد ما رد سبحانه قول من قال ان القرآن منزل من قبل الشياطين لا من الملائكة واثبت ان انزاله منه سبحانه وإيصاله من الروح الأمين على الرسول الأمين إذ المناسبة بينهما مرعية والمشاكلة مثبتة مرضية أراد ان يشير سبحانه الى ان تنزيل الشياطين وتسويلهم انما هو لأوليائهم الذين قد كملت نسبتهم إليهم وصحت مناسبتهم معهم فقال

هَلْ أُنَبِّئُكُمْ وأخبركم ايها المسرفون المردودون في امر القرآن واعجازه وانزاله من قبل الحق القادحون فيه بنسبته الى تنزيل الشياطين او الى الشعر الذي من جملة وساوسهم وتخييلاتهم ايضا مع ان القرآن الفرقان مشتمل على معارف وحقائق ورموزات وشهودات لا يسع الإتيان بها والتعبير عنها الا لمن هو علام الغيوب مطلع على سرائر ارباب الكشف والشهود وأبين لكم عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ للاضلال والوسوسة والتحريف عن طريق الحق والتغرير بالأباطيل

تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ مبالغ في الإفك والافتراء أَثِيمٍ مغمور في الإثم والعصيان وانواع الفسوق والطغيان لتحقق مناسبته مع الشياطين الذين

يُلْقُونَ السَّمْعَ للملائكة ويصغون منهم بعض المغيبات ويخبرون بها لا على وجهها إذ ليس غرضهم من الإصغاء الا الإفساد والرد لا الإصلاح والقبول وَلذلك قد كان أَكْثَرُهُمْ هم كاذِبُونَ فيما يسمعون ويلقون إذ هم يحرفون ويزيفون ما سمعوا ترويجا لما هم عليه من الفساد والإفساد وتغريرا لأوليائهم بأنواع التغريرات

وَمن جملة اولياء الشياطين المنتسبين إليهم بالنسبة الكاملة الكاذبة الشُّعَراءُ المذبذبون بين الأنام بأكاذيب الكلام واباطيله لذلك يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ الضالون من جنود الشياطين المتبعون لهم لترويج أباطيلهم الزائغة

<<  <  ج: ص:  >  >>