للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ تَكُ تلك الذرة حَسَنَةً صادرة عنهم مقارنة بالإخلاص يُضاعِفْها حسب فضله وطوله الى سبعة بل الى سبعين بل الى ما شاء الله وَمع تضعيفها لعموم المؤمنين يُؤْتِ للمخلصين منهم مِنْ لَدُنْهُ امتنانا عليهم وتفضلا أَجْراً عَظِيماً الا وهو الفوز بمقام الكشف والشهود. آتنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب

فَكَيْفَ لا تفوزون ايها المحمديون بما تفوزون مع انا إِذا جِئْنا في يوم الحشر والجزاء مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ نبي مرسل إليهم هاد لهم إلينا باذن منا بطريق مخصوص وَجِئْنا بِكَ يا أكمل الرسل المرسل الى كافة البرايا وعامة العباد بالتوحيد الذاتي الجامع لجميع المراتب والطرق من توحيد الصفات والأفعال عَلى هؤُلاءِ الأمناء الخلص شَهِيداً مرشدا هاديا لهم إلينا بالدين القويم الناسخ لعموم الأديان.

اذكر يا أكمل الرسل يَوْمَئِذٍ اى يوم إذ جئنا بك شهيدا على المؤمنين يَوَدُّ اى يحب ويتمنى الَّذِينَ كَفَرُوا وأشركوا بالله وَعَصَوُا الرَّسُولَ الأمي المبعوث الى كافة الأنام بدين الإسلام ان لَوْ تُسَوَّى وتغطى بِهِمُ الْأَرْضُ في تلك الساعة وصاروا نسيا منسيا لكان خيرا لهم من الصغار والمذلة التي قد عرضت عليهم في تلك الحالة وَبالجملة لا يَكْتُمُونَ اللَّهَ المطلع بعموم أحوالهم حَدِيثاً اى لا يمكن لهم كتمان حديث نفوسهم وهواجس صدورهم من الله في تلك الحالة الهائلة فكيف كتمان أعمالهم الصادرة عنهم. ثم لما حضر بعض المؤمنين المسجد لأداء الصلاة سكارى حين اباحة الخمر وغفلوا عن أداء بعض الأركان وتعديلها وغلطوا في القراءة وحفظ الترتيب وسائر اعمال الصلاة نبه سبحانه عليهم ونهاهم عن المبادرة نحو المساجد قبل الإفاقة

فقال مناديا ليقبلوا يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مقتضى ايمانكم حفظ الأدب مع الله سيما عند الميل والتوجه نحوه فعليكم ان لا تَقْرَبُوا ولا تتوجهوا الصَّلاةَ اى لأداء الصلاة التي هي عبارة عن التوجه نحو الذات الإلهية بعموم الأعضاء والجوارح المقارن بالخضوع والخشوع المنبئ عن الاعتراف بالعبودية والإذلال المشعر عن العجز والتقصير فلا بد لأدائها من فراغ الهم وخلاء الخاطر عن ادناس الطبيعة مطلقا وَلا سيما أَنْتُمْ حين أدائها سُكارى بحيث لا تعلمون ما تفعلون وما تقرءون بل اصبروا حَتَّى تَعْلَمُوا اى تفيقوا وتفهموا ما تَقُولُونَ وما تفعلون في أدائها من محافظة الأركان والأبعاض والهيآت وغير ذلك وَعليكم ايضا ان لا تقربوا الصلاة حال كونكم جُنُباً مجنبين باى طريق كان إذ استفراغ المنى انما هو من استيلاء القوة الشهوية التي هي من أقوى القوى البهيمية وأبعدها عن مرتبة الايمان والتوحيد وحين استيلائها تسرى جنابتها الى جميع الأعضاء الحاملة للقوى الدراكة وتعطلها من مقتضياتها بالمرة فحينئذ تتحير الأمزجة وتضطرب لانحرافها عن العدالة الفطرية بعروض تلك الجنابة السارية فتكون الجنابة ايضا كالسكر من مخلات القوة العاقلة فعليكم ايضا ان لا تقربوها معها إِلَّا إذا كنتم عابِرِي سَبِيلٍ اى على متن سفر لا يسع لكم قدرة استعمال الماء لفقده او لوجود المانع فعليكم ان تتيمموا وتصلوا جنبا حفظا لكرامة الوقت حَتَّى تَغْتَسِلُوا وتتمكنوا على استعمال الماء وَكذا إِنْ كُنْتُمْ مقيمين حال كونكم مَرْضى تخافون من شدة المرض في استعماله أَوْ راكبين عَلى متن سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ اى من الخلاء محدثين أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ اى جامعتم معهن او لعبتم بهن بالملامسة والمساس فَلَمْ تَجِدُوا في هذه الصور المذكورة ماءً مزيلا لما عرض عليكم من الجنابة فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً اى فعليكم ان

<<  <  ج: ص:  >  >>