للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خاتمة سورة فصلت]

عليك ايها السالك المترقب لشهود الحق من ذرائر عموم المجالى والمظاهر الظاهرة في الأنفس والآفاق ان تصفى سرك وضميرك أولا من وساوس مطلق الأوهام والخيالات العائقة عن التوجه الى صرافة الوحدة الذاتية وتخلى خلدك عن مطلق الإضافات الصارفة عن ذلك بان تكون في نفسك متوجها الى ربك الذي هو عبارة عن حصة لاهوتك ونشأة جبروتك خاليا عنك وعن لوازم ناسوتك وعوارض بشريتك بالمرة بحيث لا شعور لك بما جرى على هويتك أصلا وبالجملة كن فانيا في الله باقيا ببقائه ناظرا بنوره الى وجهه الكريم تفز بنعيم الجنات وعظيم اللذات مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر

[سورة الشورى]

[فاتحة سورة الشورى]

لا يخفى عليك وعلى من تحقق بمرتبة التوحيد وتمكن عليها بلا تردد وتلون ان عموم مراتب الأنبياء والرسل ومشارب الأولياء التابعين لهم المقتفين أثرهم انما هي على صرافة الوحدة الذاتية المسقطة لعموم الكثرات والإضافات وان ما انزل الله على سبيل الوحى والإلهام من الكتب والصحف انما هو لبيان الطرق الموصلة إليها ولهذا نبه سبحانه حبيبه على طريق توحيده بعد ما خاطبه متيمنا باسمه العظيم بِسْمِ اللَّهِ الذي به ظهر على ما ظهر وبطن بصرافة وحدته الذاتية المحيطة بالكل الرَّحْمنِ على عموم الكائنات بافاضة الوجود الذي هو منشأ جميع الكمالات الرَّحِيمِ على خواصها وخلاصتها بالإيصال الى منبع ماء الحياة الذي هو وحدة الذات المسقطة لمطلق الإضافات

[الآيات]

حم

عسق يا حامل وحى الله وما حي الوجود عن غيره وعالم سرائر قدره وعارف سر سريان وحدته الذاتية على قلوب خلص عباده من الأنبياء والأولياء

كَذلِكَ اى مثل ما ذكر في هذه السورة من سرائر التوحيد والأخلاق المرضية يُوحِي إِلَيْكَ يا أكمل الرسل في كتابك هذا وَكذا إِلَى الَّذِينَ مضوا مِنْ قَبْلِكَ من الأنبياء والرسل في كتبهم وصحفهم اللَّهُ المتوحد بذاته المحيط بعموم مظاهره ومصنوعاته المستقل بأمر الإرسال والإنزال والوحى والإلهام الْعَزِيزُ الغالب في امره وشأنه الْحَكِيمُ المتقن في أفعاله وتدبيراته الجارية في ملكه وملكوته إذ

لَهُ مظاهر ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ملكا وتصرفا إيجادا واعداما إبداء واعادة وَبالجملة هُوَ الْعَلِيُّ المستقل بالعلو في مطلق ملكه وملكوته الْعَظِيمُ في شأنه وامره لا عظمة ولا علو الا له ولا حول ولا قوة الا به ولا حكم ولا حكمة الا منه ومن كمال عزته وعظمته

تَكادُ السَّماواتُ السبع يَتَفَطَّرْنَ بالياء التحتاني والتاء الفوقاني او بالياء التحتاني والنون معناه على كلتا القرائتين يتشققن مِنْ فَوْقِهِنَّ اى من فوق السموات ومن فوق الأرضين السبع من كمال خشية الله ورهبته خوفا من تجليه عليهن باسمه القهار المفنى لعموم الأغيار مطلقا وَالْمَلائِكَةُ ايضا من خشيتهم عن قهر الله وغضبه يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ تعديدا لنعمه المتوالية المترادفة إليهم مع اضافة الشعور والإدراك وأداء لحقوق ربوبيته ومقتضيات ألوهيته وشكرا على إعطاء التمكن والاقتدار على مواظبة عبوديته ومشاهدة آثار سلطنته وعظمته وَيَسْتَغْفِرُونَ ايضا باذنه وبمقتضى امره لِمَنْ فِي الْأَرْضِ من خلص عباده الموحدين المجبولين على صورته المجعولين

<<  <  ج: ص:  >  >>