للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل العبرة انما هي بالجودة والردائة في الأعمال والأفعال والمواجيد والأحوال فَاتَّقُوا اللَّهَ المنتقم الغيور حق تقاته يا أُولِي الْأَلْبابِ الناظرين في لب الأمور المعرضين عن قشورها لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وتفوزون من عنده فوزا عظيما بعد ما تجودون أعمالكم بالإخلاص والتقوى

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مقتضى ايمانكم ان لا تَسْئَلُوا ولا تقترحوا عن رسولكم سيما عَنْ أَشْياءَ قبل ورود الوحى إِنْ تُبْدَ وتظهر لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وتغمكم وتورث فيكم حزنا وكآبة وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ وفي زمان نزول الوحى والإلهام تُبْدَ لَكُمْ وتظهر عندكم بلا سوء وحزن وبالجملة عَفَا اللَّهُ عنكم بمقتضى لطفه عما سلف عَنْها وعن أمثالها قبل ورود النهى فعليكم ان تحافظوا عليها بعد ورود النهى وَاللَّهُ المطلع لضمائر عباده غَفُورٌ لهم عما سبق من ذنوبهم قبل ورود الزاجر حَلِيمٌ ايضا لا يعجل العقوبة لما اكتسبوا بعدها الى ان يتوبوا

واعلموا انه قَدْ سَأَلَها عنها وعن أمثالها قَوْمٌ مثلكم من الذين مضوا مِنْ قَبْلِكُمْ عن أنبيائهم ثُمَّ بعد ما ظهر ما اقترحوا عنه أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ جاحدين مكذبين لأنبيائهم بعد ظهورها لعدم امتثالهم وانقيادهم بما ظهر وعدم أعمالهم بمقتضاه

واعلموا ايها المؤمنون ما جَعَلَ اللَّهُ العليم الحكيم وما وضع وشرع لكم في دينكم هذا ما في الجاهلية الاولى مِنْ بَحِيرَةٍ وهي انهم إذ أنتجت ناقتهم خمسة ابطن خامسها ذكر بحروا اذنها وشقوها وخلوا سبيلها فلا تركب ولا تحمل ولا تحلب ابدا فسموها بحيرة وَلا سائِبَةٍ وهي انهم قالوا ان شفيت فناقتى سائبة اى ممنوعة عن الانتفاع بها كالبحيرة وَلا وَصِيلَةٍ وهي انهم إذا ولدت شاتهم اثنى كان لهم وإذا ولدت ذكرا كان لآلتهم وإذا ولدت ذكرا وأنثى في بطن واحد يتبعون الأنثى بالذكر ويتقربون بهما وسموها وصيلة وَلا حامٍ وهو انهم إذ أنتجت من صلب فحل عشرة ابطن حرموا انتفاعه بالكلية ولم يمنعوه من الماء والمرعى وقالوا قد حمى ظهره ويسمونه حاميا وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اعرضوا عن الايمان والإطاعة يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ المنزه عن عموم النقائص الْكَذِبَ يعنى ينسبون اليه أمثال هذه المزخرفات الباطلة افتراء ومراء وَبالجملة أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ الله ولا يعرفونه ولا يفهمونه أصلا ولا يعلمون حق قدره وقدر حقيته ومقتضى حكمته مطلقا

وَإِذا قِيلَ لَهُمْ امحاضا للنصح تَعالَوْا هلموا إِلى امتثال ما أَنْزَلَ اللَّهُ المصلح لأحوالكم وَإِلَى متابعة الرَّسُولِ الهادي لكم المنقذ عن ورطة الضلال قالُوا من غاية انهماكهم في الغفلة حَسْبُنا ويكفينا ما قد وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا وأسلافنا قل لهم يا أكمل الرسل نيابة عنا في شأنهم إلزاما وتبكيتا أَيقلدون آباءهم ويقتفون أثرهم وَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً من أنفسهم وَلا يَهْتَدُونَ ايضا طريقا واسعا مستقيما بهدى هاد نبيه وارشاد مرشد منبه مع انهم عقلاء من اهل التمييز والاختبار فالعار كل العار فاعتبروا يا اولى الأبصار

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ ان تحفظوا أَنْفُسَكُمْ وتلازموها على الطاعات وتداوموها على التوجه نحو الحق في عموم الأوقات والحالات ومالكم الاحفظ انفسكم عن ورطة الهلاك والضلال وبعد ما حفظتم أنتم انفسكم لا يَضُرُّكُمْ ضلال مَنْ ضَلَّ عن طريق الحق إِذَا اهْتَدَيْتُمْ أنتم اليه سبحانه واعلموا ايها المؤمنون إِلَى اللَّهِ الواحد الأحد الفرد الصمد المستقل في الوجود والتحقق مَرْجِعُكُمْ ومرجعهم ايضا جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ وإياهم بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ في دنياكم من شر وخير ومعصية وطاعة ويجازيكم

<<  <  ج: ص:  >  >>