للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوْلاكُمْ

اى النار اولى بكم وأليق بحالكم وَبالجملة بِئْسَ الْمَصِيرُ والمرجع النار المعدة للكفار الأشرار. ثم قال سبحانه على سبيل الحث والترغيب والتشويق

أَلَمْ يَأْنِ اى لم يقرب الوقت ولم يحضر الأوان لِلَّذِينَ آمَنُوا بوحدة الحق وبكمالات أسمائه وصفاته أَنْ تَخْشَعَ اى تخضع وتلين وترق قُلُوبُهُمْ التي هي وعاء الايمان والعرفان لِذِكْرِ اللَّهِ الواحد الأحد الفرد الصمد المستجمع لعموم الأسماء والصفات الإلهية المسقط لجميع الإضافات وَما نَزَلَ في كتابه المبين لطريق توحيده مِنَ الْحَقِّ الحقيق بالامتثال والاتباع اى من الأوامر والنواهي المعدودة فيه لتهذيب الظاهر والباطن والرموز والإشارات المصفية للسر عن الالتفات الى ما سوى الحق وَبالجملة لا يَكُونُوا ايها المؤمنون في الاعراض عن كتاب الله والانصراف عما فيه من الحكم والمصالح كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ وهم اليهود والنصارى فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ ومضى الازمنة والأوان بينهم وبين أنبيائهم فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ عن الايمان مع ان الكتب بين أظهرهم وَلا تفيدهم بل كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ خارجون عن مقتضيات الأوامر والنواهي والحدود والاحكام المذكورة في كتبهم وما هي الا من فرط قساوتهم وغفلتهم فعليكم ايها المؤمنون ان لا تكونوا أمثالهم مع نبيكم ودينكم وكتابكم

اعْلَمُوا ايها المؤمنون الموحدون المحمديون أَنَّ اللَّهَ المطلع على قابليات عباده واستعداداتهم الفطرية يُحْيِ الْأَرْضَ اى أراضي استعداداتكم بمياه المعارف والحقائق والمكاشفات والمشاهدات بَعْدَ مَوْتِها بالجهل والغفلة الناشئة من ظلمات الطبيعة والهيولى وبالجملة قَدْ بَيَّنَّا وأوضحنا لَكُمُ الْآياتِ الدالة على هدايتكم وتكميلكم في القرآن العظيم لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ رجاء ان تتأملوا فيها وتتعظوا بها وتفهموا إشاراتها وتعتبروا منها وتتفطنوا بما فيها من السرائر المرموزة والحكم المكنونة ومن علامات تعقلكم واتعاظكم التصدق والانفاق من مزخرفات الدنيا والتقرب بايثارها نحو المولى

إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ اى المتصدقين وَالْمُصَّدِّقاتِ اى المتصدقات وَهم الذين قد أَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً خالصا عن شوب المن والأذى طلبا لمرضاته سبحانه يُضاعَفُ لَهُمْ صدقاتهم في النشأة الاولى وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ في النشأة الاخرى

وَبالجملة الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وأخلصوا في ايمانهم وأكدوه بصوالح أعمالهم وإحسانهم وَرُسُلِهِ المبعوثين إليهم الهادين لهم الى الايمان أُولئِكَ السعداء المقبولون هُمُ الصِّدِّيقُونَ

المبالغون في الصدق غايتها المقصورون على الإخلاص المتمكنون في منهج اليقين الحقي وَالشُّهَداءُ المكاشفون الحاضرون عِنْدَ رَبِّهِمْ المستغرقون بمطالعة لقائه الكريم لَهُمْ في النشأة الاخرى أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ الموعود لهم من قبل الحق على وجه لا مزيد عليه وَالمسرفون المفرطون الَّذِينَ كَفَرُوا بوحدة ذاتنا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا الدالة على استقلالنا في عموم تصرفاتنا عتوا وعنادا أُولئِكَ الأشقياء البعداء المردودون هم أَصْحابُ الْجَحِيمِ اى ملازموها وملاصقوها بحيث لا نجاة لهم منها أصلا

اعْلَمُوا ايها المكلفون المعتبرون أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا اى ما الحياة المستعارة الدنياوية وما حاصلها وجل متاعها الا لَعِبٌ مزخرف باطل عاطل في نفسها يلعب بها اهل الغفلة والحجاب ويتعبون بها نفوسهم طول دهرهم بلا طائل وَلَهْوٌ يلهيهم عما يهمهم ويعنيهم من الحياة الازلية الابدية ولوازمها وَزِينَةٌ قد زينها لهم شياطين قواهم وأمانيهم من المطاعم الشهية والملابس البهية واللذات الوهمية والشهوات البهيمية وَتَفاخُرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>