للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في سرائرها واستكشاف حكمها واسرارها وعليك ان تتوسل في استرشادك من كتاب الله بأحاديث رسوله المختار إذ هي مبينة له كاشفة عن سرائره ومرموزاته موضحة لما فيه من الغوامض متكفلة لحفظ عقيدتك عن التزلزل والانحراف عن جادة الهداية موصلة لك بقدر قابليتك الى مسائل مسالك التوحيد فلك ان تواظب على الاستفادة منها ناويا في استفادتك استخلاص نفسك عن ربقة التقليد مستقبلا في سلوكك هذا الى مقر المعرفة ومقصد التوحيد مشمرا ذيلك عن جميع ما يعوقك ويمنعك عن لوازم بشريتك ملتجأ نحو الحق في عموم حالاتك مستمدا في سلوكك هذا عن ارباب الولاء الوالهين في مطالعة جمال الله والعرفاء الواصلين الى فضاء وحدته وصفاء بقائه منخلعين عن جلباب ناسوتهم بالمرة بحيث لا يلتفتون الى لوازم بشريتهم أصلا الا وهم البدلاء الحائرون الحاضرون الوالهون الواصلون الفانون الباقون المتحققون الا ان أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون رب اجعلنا بفضلك من خدامهم وتراب اقدامهم

[سورة الأنفال]

[فاتحة سورة الأنفال]

لا يخفى على ذوى الألباب المستكشفين عن لب التوحيد المستنزهين عن قشوره ان من لم يترق ممن يتأتى منهم الهداية والسلوك في سبيل التوحيد عن المرتبة الحيوانية ولم يصل الى الدرجة العلية الانسانية لم يثمر شجرة هويته وظهوره ثمرة المعرفة واليقين التي قد غرست لأجلها وظهرت لحصولها وبالجملة من لم نحيى بحياة العلم اللدني الأزلي الأبدي بل بقي على الجهل الجبلي الهيولاني فهو ميت حقيقة وان كان حيا صورة وبسبب موتهم وجهلهم هذا لا يستنشقون نسمات الروح ونفحات الحيوة الطيبة من أنفاس الأنبياء المبعوثين لإحيائهم بنفخ الروح الإلهي والنفس الرحمانى المظهر لهوياتهم المحيي لهياكلهم وماهياتهم من كتم العدم ولم يؤمنوا بهم ولم يصدقوهم فيما جاءوا به من عند ربهم بل كذبوهم وقاتلوا معهم وأصروا على جهلهم واستكبروا عليهم حسب حميتهم الحيوانية الجاهلية الساقطة المسقطة الضالة المضلة لذلك قد صارت دماؤهم مباحا وأموالهم فيأ عند العارف المحقق المتحقق بتوحيد الحق وشئونه المعتدلة وبالجملة أموالهم وما ينسب إليهم من جملة أرزاق الله التي لم يضف الى احد من خلقه ولم يقسم بين عباده إذ الحكمة في ترزيق العباد انما هي كسب المعرفة والتوحيد لذلك اخبر سبحانه نبيه صلّى الله عليه وسلّم بكيفية تقسيم اموال الفيء والغنيمة مخاطبا له على وجه التعليم فقال سبحانه متيمنا بِسْمِ اللَّهِ المقسم لأرزاق العباد على العدل القويم الرَّحْمنِ لهم بإصلاح ما ظهر بينهم من المخالفة والنزاع باغواء الشيطان الرجيم الرَّحِيمِ لهم يوفقهم على ازدياد الهداية والايمان سيما باحكام كتابه الكريم

[الآيات]

يَسْئَلُونَكَ اى أصحابك ايها الرسول المبعوث على الخلق العظيم عَنِ الْأَنْفالِ اى عن قسمة الغنائم عبر سبحانه عنها بالنفل وهو في اللغة عطية زائدة اشترطها الامام لمن اقتحم على محل الخطر زيادة على سهمه كأنها زائدة على سهام الغزاة المجاهدين المقاتلين في سبيل الله لإعلاء كلمة الحق طلبا لمرضاته سبحانه وما يترتب عليه من اموال الدنيا انما هو بمنزلة النفل والعطية الزائدة على سهامهم التي هي المثوبة العظمى والمرتبة العليا عند الله قُلِ لهم يا أكمل الرسل الْأَنْفالِ كلها لِلَّهِ ومن مال الله وقسمتها مفوض اليه سبحانه وَالى الرَّسُولِ المستخلف منه النائب عنه سبحانه باذنه فَاتَّقُوا اللَّهَ ايها المؤمنون عن مخالفة امره وامر رسوله وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>