للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند الخصومة أنت على كظهر أمي يعنى يشبهها بامه المحرمة عليه فكانت حينئذ محرمة عليه الحكم هكذا في عادة الجاهلية إذ الحرمة قد سرت إليها بمجرد التشبيه فصارت هي بمنزلة الام فرد الله سبحانه عليهم أمرهم هذا بقوله ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ بمجرد هذا القول الباطل إِنْ أُمَّهاتُهُمْ اى ما أمهاتهم إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ فلا يشبه بهن في الحرمة غيرهن الا ما ورد الشرع بتحريمهن مثل أمهات الرضاع وازواج النبي صلّى الله عليه وسلّم اللاتي هن أمهات المؤمنين حكما وَإِنَّهُمْ من شدة افراطهم وطغيانهم لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ مردودا في الشرع وَزُوراً باطلا منحرفا عن الحق في نفسه إذ لا تشبه الزوجة بالأم وَإِنَّ اللَّهَ المطلع لضمائر عباده ونياتهم لَعَفُوٌّ لفرطات القائلين غَفُورٌ لذنوبهم ان تابوا واستغفروا

وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ للتلافى والتدارك مناقضين لِما قالُوا نادمين عنه راجعين فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ اى لزمهم في الشرع تحرير رقبة في كل مرة ليكون زجرا وردعا لهم وكفارة لقولهم المنكر الباطل ذلك مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا اى يستمتعا ويجتمعا اى المظاهر والمظاهر عنها ذلِكُمْ اى الزام الكفارة عليكم تُوعَظُونَ بِهِ وترتدعون عنه خوفا من الغرامة إذ ليس هو من شيم اهل الايمان بل ما هي إلا من ديدنة الجاهلية الاولى وَبالجملة اللَّهُ المراقب على عموم أحوالكم وأعمالكم بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ بجميع أعمالكم ونياتكم فيها فَمَنْ لَمْ يَجِدْ ولم يقدر على تحرير الرقبة فَصِيامُ شَهْرَيْنِ اى كفارة ظهاره صيام شهرين مُتَتابِعَيْنِ متصلين متوالى الأيام فان فصل وأفطر يوما استأنف وانما اشترط التتابع والتوالي لتنزجر نفسه وترتدع عنه ولا يفعله قط ولا يتكلم به مرة اخرى ذلك ايضا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ويتجامعا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ ولم يقدر للصوم لهرم او مرض او شبق مفرط فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً يعطى كل مسكين مدا من الطعام ذلِكَ اى لزوم الصوم والإطعام عند فقدن التحرير المذكور لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ اى تؤمنوا بالله في عموم الاحكام الدينية وتصدقوا رسوله في جميع ما جاء به من عند ربه من الأوامر والنواهي الإلهية الجارية على لسانه وتتركوا عموم ما أنتم عليه من الرسوم والعادات الجارية بينكم في جاهليتكم الاولى وَبالجملة تِلْكَ الحدود المذكورة حُدُودُ اللَّهِ المصلحة لأحوالكم انما وضعناها بينكم لتصلحوا بها ما أفسدتم على انفسكم بمقتضى اهويتكم الفاسدة وآرائكم الباطلة وَاعلموا انه لِلْكافِرِينَ الجاحدين الخارجين عن مقتضى الحدود الإلهية والاحكام الشرعية عَذابٌ أَلِيمٌ في الدنيا والآخرة. ثم قال سبحانه على سبيل الوعيد والتهديد

إِنَّ المسرفين المفرطين الَّذِينَ يُحَادُّونَ ويعادون اللَّهَ وَرَسُولَهُ حيث يصنعون حدودا مبتدعة مخالفة لحدود الله وحدود رسوله بل هم يبتدعونها من تلقاء أنفسهم مراء ومجادلة ومعاداة لرسوله كُبِتُوا اى قد أكب والم وأحاط عليهم العذاب النازل من الله فهلكوا بالمرة كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ من كفار الأمم الماضية وَكيف لا نهلكهم ولا نستأصلهم قَدْ أَنْزَلْنا لإصلاح أحوالهم وأخلاقهم وعموم أطوارهم آياتٍ بَيِّناتٍ واضحات مشتملات على حكم ومصالح لا تحصى فأبوا عنها ولم يقبلوها بل كذبوها وأنكروا عليها وعلى من أنزلت اليه عتوا وعنادا وَبالجملة لِلْكافِرِينَ المستكبرين بما عندهم من الثروة والرياسة عَذابٌ مُهِينٌ حيث يبدل عزهم ذلا ونخوتهم وخيلاءهم لعنة وطردا اذكر لهم يا أكمل الرسل

يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>