للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متحسرين متمنين الهلاك والويل يا وَيْلَنا وهلكنا أدركنا هذا اليوم يَوْمُ الدِّينِ والجزاء الذي قد وعدنا الله به على ألسنة رسله وكتبه في النشأة الاولى فنحن قد كنا ننكره ونكذبه ونستهزئ بمن جاء به واخبر عنه عنادا ومكابرة فالآن رأيناه وابتلينا به يا حسرتنا على ما فرطنا في ترك الايمان به وتصديق مخبره وبعد ما قالوا ما قالوا قيل لهم من قبل الحق على سبيل التقريع والتعيير إظهارا لكمال القدرة

هذا يَوْمُ الْفَصْلِ والقضاء بالعدل الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ايها الضالون المنكرون المصرون على التعنت والعناد. ثم امر سبحانه للملائكة المترصدين لأمره القائمين بحكمه

احْشُرُوا وسوقوا الَّذِينَ ظَلَمُوا أنفسهم بالخروج عن مقتضى الحدود الإلهية واجمعوهم للمحشر وَأَزْواجَهُمْ اى أشباههم وأمثالهم وقرناءهم الذين اقتدوا بهم واقتفوا أثرهم معهم وَاحضروا معهم ايضا ما كانُوا يَعْبُدُونَ

مِنْ دُونِ اللَّهِ ظلما وعدوانا اى معبوداتهم الباطلة تتميما لإلزامهم فَاهْدُوهُمْ اى قدموهم ودلوهم جميعا إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ وبالجملة سوقوهم بأجمعهم عابدا ومعبودا الى نيران الطرد وسعير الخذلان

وَقِفُوهُمْ واحبسوهم في الموقف ساعة إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ عن أعمالهم التي جاءوا بها في نشأتهم الاولى محاسبون عليها وبعد ما سئلوا وحوسبوا جوزوا عليها بمقتضاها ثم سوقوا الى النار والسر في السؤال والحساب والله اعلم تسجيل العذاب عليهم وتنصيصه إياهم لئلا ينسب سبحانه الى الظلم والعدوان ظاهرا ولئلا يجادلوا معه سبحانه إذ كان الإنسان المجبول على الكفر والنسيان اكثر شيء جدلا ثم قيل لهم من قبل الحق توبيخا وتقريعا

ما لَكُمْ اى ما شأنكم وأى شيء عرض عليكم ايها الضالون المضلون لا تَناصَرُونَ اى لا ينصر بعضكم بعضا اى معبوداتكم لا تنصركم ولا تشفع بتخليصكم مع انكم اتخذتموهم أولياء واعتقدتموهم آلهة شفعاء فلم لا ينصرونكم ولا ينقذونكم من عذابنا ولم لا يمكرون ولا يحيلون بأنواع الحيل والخداع ولم لا يعتذرون بالأعذار الكاذبة لإنقاذكم من عذابنا كما كنتم تزعمون في النشأة الاولى وهم حينئذ من شدة الهول هائمون حائرون

بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ منقادون خاضعون ومن اشتداد العذاب عليهم خائفون خاشعون وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ حين يساقون نحو النار يَتَساءَلُونَ ويتخاصمون ويتلاومون حيث

قالُوا اى السفلة الضعفاء منهم لرؤسائهم إِنَّكُمْ ايها الضالون المضلون قد كُنْتُمْ من شدة شغفكم وحرصكم على تضليلنا ومنعنا عن تصديق الرسل وقبول دعوتهم تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ اى عن أقوى جوانبنا او عن أقوى الطرق الموصلة الى مطلوبكم منا ألا وهو المال وحطام الدنيا فتعطوننا منه وتحرفوننا عن طرق السلامة وسبل الاستقامة

قالُوا اى الرؤساء في جواب الضعفاء ما قولكم هذا الا افتراء منكم علينا ومراء كيف يتيسر لنا ويتأتى منا ان نؤثر نحن في قلوبكم بحيلنا ومكرنا واعطائنا المال إياكم والإحسان عليكم بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ مع ان الأيمان انما هو من افعال القلوب بل لم تكونوا في انفسكم مؤمنين مصدقين فتميلون على ما كنا وكنتم عليه طبعا وهواء فتفترون اليوم علينا فرية ومراء

وَان ادعيتم اكراهنا إياكم حينئذ فقد كذبتم إذ ما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ استيلاء وغلبة سيما على قلوبكم الى حد تخافون أنتم عن قهرنا وإهلاكنا إياكم لو لم تكفروا بَلْ قد كُنْتُمْ في انفسكم كما كنا قَوْماً طاغِينَ قد طغيتم وبغيتم على الله كما طغينا وبغينا وبالجملة انا وإياكم تابعا ومتبوعا لفي ضلال مبين

فَحَقَّ اى لزم وثبت وجرى عَلَيْنا وعليكم قَوْلُ رَبِّنا وحكمه المبرم المثبت في لوح قضائه المحفوظ في

<<  <  ج: ص:  >  >>