فَأَصابَهُمْ اى الكفرة الماضين وأحاط بهم في النشأة الاولى سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا مثل الخسف والكسف والغرق ونحوها وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ المستخلفين عنهم القائلين بقولهم يعنى قريشا خذلهم الله سَيُصِيبُهُمْ عن قريب سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا أمثال أولئك الهالكين وَما هُمْ اى هؤلاء المسرفون المفسدون بِمُعْجِزِينَ الله القادر المقتدر على انواع التعذيب والانتقام فقتل صناديدهم يوم بدر وقحطوا سبع سنين. ثم وسع سبحانه عليهم الرزق ليتنبهوا ان مقاليد الأمور بيده او خزائن الرزق عنده ومع ذلك لم يتفطنوا
أَوَلَمْ يَعْلَمُوا ولم يتنبهوا أَنَّ اللَّهَ المتكفل لأرزاق عباده يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ من عباده ويوسع عليه وَيَقْدِرُ اى يقبض عن من يشاء ارادة واختيارا على مقتضى علمه بتفاوت استعداداتهم الفطرية وقابلياتهم الجبلية الفائضة عليهم من الحكيم الوهاب إِنَّ فِي ذلِكَ القبض والبسط المستلزمين لانواع الدقائق والرقائق الغير المحصورة في الأمور الإلهية لَآياتٍ وبراهين واضحات على حكمة القدير العليم لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ بذات الله وكمال أوصافه وأسمائه وبعد ما تنبهوا على حقية الحق وتفطنوا بدلائل توحيده
قُلْ لهم يا أكمل الرسل نيابة عنا مناديا لهم على وجه الاختصاص مضيفا لهم إلينا عطفا ورفقا ولطفا يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ طول دهرهم قبل انكشاف الاغطية والسدل عن عيون بصائرهم لا تَقْنَطُوا وتيأسوا مِنْ فيضان رَحْمَةِ اللَّهِ عليكم سيما بعد كشف الغطاء ورفع الحجب والغشاء إِنَّ اللَّهَ المطلع على ضمائر عباده وعموم نياتهم يَغْفِرُ ويستره الذُّنُوبَ التي صدرت عنكم وقت غفلتكم جَمِيعاً وكيف لا يغفرها سبحانه إِنَّهُ بمقتضى ذاته وأوصافه وأسمائه هُوَ الْغَفُورُ المقصور على الستر والعفو لعموم عباده سيما على اهل التوحيد منهم الرَّحِيمُ لهم يوصلهم بعد رفع الحجب الى مقر التجريد والتفريد
وَبعد ما قد سمعتم سعة رحمة الحق وجميل عفوه ومغفرته أَنِيبُوا اى تقربوا وتوجهوا ايها المجبولون على فطرة الإسلام إِلى رَبِّكُمْ الذي رباكم لمصلحة المعرفة والتوحيد وَأَسْلِمُوا لَهُ وانقادوا لأوامره واجتنبوا عن نواهيه بالعزيمة الخالصة عن كدر الرعونات وشين الشهوات والغفلات مطلقا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ الموعود في يوم الجزاء ثُمَّ بعد نزوله وإتيانه لا تُنْصَرُونَ اى حينئذ لا يسع لكم التدارك والتلافي لانقضاء زمان التوبة والرجوع
وَبالجملة ان أردتم النجاة من العذاب اتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ايها المكلفون على الدين المستبين ألا وهو القرآن الكريم المنزل على خير الأنام وأفضل الرسل الكرام وامتثلوا بجميع ما فيه من الأوامر والنواهي على وجه العزيمة مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً فجاءة وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ من علاماته حتى تتداركوا وتحذروا منها وبالجملة احذروا من يوم هائل مهول مخافة
أَنْ تَقُولَ في حلوله وألمامه نَفْسٌ وازرة منكم مقصرة عن الانابة والرجوع حين حلول العذاب عليها يا حَسْرَتى ويا ندامتا عَلى ما فَرَّطْتُ وقصرت فِي جَنْبِ اللَّهِ ورعاية جانبه وحقه في أطاعته وانقياده وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ اى فرطت في حقه سبحانه والحال انى قد كنت من الساخرين بالأنبياء الهادين والعلماء الراشدين المنبهين علىّ وبالجملة فندمت يومئذ فما ينفع الندم
أَوْ تَقُولَ متحسرة على كرامة اهل العناية لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِي ووفقني على التوبة والانابة نحوه كسائر أوليائه لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ المتحفظين نفوسهم عن الإفراط في