للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حق الله ورعاية جانبه

أَوْ تَقُولَ متمنية مستبعدة حِينَ تَرَى الْعَذابَ يحل عليها لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً ورجوعا الى الدنيا مرة اخرى فَأَكُونَ حينئذ مِنَ الْمُحْسِنِينَ الذين يحسنون الأدب مع الله ويصدقون رسله وكتبه وانما تقول حينئذ ما تقول من كمال تحسرها على ما فات منها ومن شدة هول ما نزل عليها ثم قيل لها من قبل الحق ردا لقولها لو ان الله هداني لكنت من المتقين

بَلى قد هداك الله فلم تهتد إذ قَدْ جاءَتْكَ آياتِي لهدايتك وارشادك على ألسنة رسلي فَكَذَّبْتَ بِها وبهم وَاسْتَكْبَرْتَ عليها وعليهم وَكُنْتَ حينئذ بسبب تكذيبك واستكبارك عليهم مِنَ الْكافِرِينَ الذين ستروا الحق الحقيق بالاطاعة والاتباع وأظهروا الباطل الزاهق فاتخذوه معبودا وعبدوا له ظلما وزورا عنادا واستكبارا

وَبالجملة لا تبالوا ايها الموحدون بعتوهم واستكبارهم في هذه النشأة إذ يَوْمَ الْقِيامَةِ التي تبلى السرائر فيها تَرَى ايها المعتبر الرائي الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ بإثبات الولد والشريك له افتراء ومراء وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ اى تراهم حال كونهم مسودي الوجوه إذ هم حينئذ ملازمو النار وملاصقوها وأنت ايها المعتبر الرائي تستبعد وتتعجب حينئذ عن حالهم هذا وبالجملة أَلَيْسَ يبقى فِي جَهَنَّمَ البعد والخذلان وجحيم الطرد والحرمان مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ الذين يتكبرون على الله وعلى أوليائه بأنواع الفسوق والعصيان والكذب والطغيان مع ان جهنم ما هي الا معدة لهؤلاء البغاة الطغاة الهالكين في تيه الكبر والعناد

وَيُنَجِّي اللَّهُ المحسن المتفضل بمقتضى لطفه وجماله من اهوال يوم القيامة وافزاعها الَّذِينَ اتَّقَوْا عن محارم الله بِمَفازَتِهِمْ اى بفوزهم وفلاحهم المورث لهم فتح أبواب السعادات وانواع الخير والبركات لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ اى ينجيهم بحيث لا يعرضهم شيء يسوءهم في النشأة الاخرى وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ فيها أصلا وكيف لا ينجى سبحانه أولياءه إذ

اللَّهُ المحيط بعموم ما ظهر وبطن خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ومظهره من العدم بامتداد اظلال أسمائه وصفاته عليه وَهُوَ سبحانه عَلى كُلِّ شَيْءٍ من مظاهره ومصنوعاته وَكِيلٌ يتولى امره ويحفظ عما يضره وكيف لا يكون كذلك إذ

لَهُ سبحانه وفي قبضة قدرته وتحت حفظه وارادته مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى مفاتيح العلويات والسفليان وما يتولد بينهما يتصرف فيها بالإرادة والاختيار ما شاء بلا منازع وخاصم وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ وأنكروا دلائل توحيده واستقلاله في الآثار الصادرة منه سبحانه باختياره أُولئِكَ الأشقياء الضالون عن طريق التوحيد المنحرفون عن جادة العدالة هُمُ الْخاسِرُونَ المقصورون على الخسران الأبدي والحرمان السرمدي لا يرجى نجاتهم منه أصلا. ثم ان أرادوا يعنى قريشا خذلهم الله ان يخدعوك ويلبسوا عليك الأمر بان امروك باستلام بعض آلهتهم ليؤمنوا بإلهك

قُلْ لهم يا أكمل الرسل على سبيل التعبير والتوبيخ أَفَغَيْرَ اللَّهِ الواحد الأحد الصمد الحقيق بالاطاعة والعبادة تَأْمُرُونِّي اى تأمروننى أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ بالله وباستحقاقه للعبادة والانقياد بالأصالة وبكمال التوحيد والاستقلال. ثم قال سبحانه مقسما على سبيل التأكيد والمبالغة في التأديب تحريكا لحمية حبيبه صلّى الله عليه وسلّم وتثبيتا له على محبته

وَالله لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ يا أكمل الرسل وَكذا قد اوحى ايضا إِلَى الرسل الَّذِينَ مضوا مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ أنت مع كمال ودادك ومحبتك وخلتك وكذا كل واحد منهم ايضا مع كمال محبتهم وخلوصهم في عباداتهم وأتيت أنت وكل منهم بشيء يلوح منه الإشراك المنافى للتوحيد

<<  <  ج: ص:  >  >>