للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإلهية بمتابعة اهويتكم الباطلة

وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ حين سمعوا منه ما سمعوا إِلَّا أَنْ قالُوا مستكبرين متهكمين أَخْرِجُوهُمْ اى لوطا ومن آمن له مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ ويدعون التطهر عن الخبائث ويجتنبون عن الفواحش فلا يناسبهم الاقامة فينا ثم لما لم يمتنعوا عن فعلهم بقوله بل زادوا على الإصرار والعداوة أخذناهم بظلمهم وإسرافهم وإصرارهم

فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ ومن آمن له مما أصابهم إِلَّا امْرَأَتَهُ فإنها تسر بالكفر والجحود بذلك قد كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ الهالكين بقهر الله وغضبه

وَبعد ما أردنا أخذهم وقصدنا انتقامهم أَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً اى مطرا هو حجارة مركومة مركبة من سجيل فاستأصلناهم به فَانْظُرْ ايها المعتبر الرائي كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ المصرين على الجرائم العظام سيما بعد إرسال الرسل الهادين لهم الى طريق النجاة الزاجرين لهم عن ما هم عليه من القبائح على ابلغ وجه وآكده

وَلقد أرسلنا ايضا إِلى قوم مَدْيَنَ وهو قرية شعيب عليه السّلام أَخاهُمْ وابن عمهم شُعَيْباً عليه السّلام حين افرطوا في التطفيف والتخسير قالَ لهم مناديا على وجه الشفقة والنصيحة يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ المستوي على العدل القويم والصراط المستقيم واعلموا انه ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ يعبد بالحق انه قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ الذي رباكم بأنواع اللطف والكرم دالة على القسط والعدالة في المعاملات الصورية لتفوزوا بها الى الاعتدال المعنوي والقسط الحقيقي الإلهي فَأَوْفُوا الْكَيْلَ ووفوا حقه كما ينبغي وَاقيموا الْمِيزانَ بالقسط واستقيموا فيه وَبالجملة لا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ اى لا تنقصوا من حقوقهم شيأ وَعليكم ان لا تُفْسِدُوا ولا تنشئوا الفساد ولا تخترعوه مطلقا فِي الْأَرْضِ التي قد وضعت على كمال العدالة والصلاح سيما بَعْدَ إِصْلاحِها اى بعد اصلاحنا أمرها بإرسال الرسل وإنزال الكتب ذلِكُمْ اى العدل والصلاح وامتثال عموم الأوامر الناشئة من الحكمة الإلهية خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ موقنين بعدل الله وصراطه المستقيم وعليكم ان تتوجهوا نحو الحق بالعزيمة الصحيحة الخالصة

وَلا تَقْعُدُوا ولا تترصدوا بِكُلِّ صِراطٍ طريق ومذهب من الطرق الباطلة حال كونكم تُوعِدُونَ وتخوفون الناس عن سلوك طريق الحق وَتَصُدُّونَ تعرضون وتصرفون عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ الموصل الى توحيده مَنْ آمَنَ بِهِ بإلقاء الشبه والرخص في قلوبهم وَبالجملة تَبْغُونَها عِوَجاً اى تطلبون ان تنسبوا عوجا وانحرافا الى سبيل الحق والطريق المستقيم لينصرف الناس عنه وعليكم ان تميلوا عن مخالفة امر الله ونهيه وَاذْكُرُوا نعمه عليكم سيما إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا عددا وعددا فَكَثَّرَكُمْ قويكم الله وأظهركم واشكروا نعمه عليكم لتدوم وتزيد ولا تكفروها لتنقص وَبالجملة انْظُرُوا معتبرين كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ الكافرين لنعم الحق من الأمم الهالكة واعتبروا من حالهم ومآلهم وما جرى عليهم من المصيبات المستأصلة

وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ من العدالة الصورية والمعنوية وَطائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا عنادا واستكبارا فَاصْبِرُوا وتربصوا وانتظروا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ العليم الحكيم بمقتضى عدله القويم بَيْنَنا بالنصر على من آمن والقهر على من كفر واستكبر وَهُوَ سبحانه في ذاته خَيْرُ الْحاكِمِينَ وأفضل الفاصلين يحكم بمقتضى حكمته المتقنة المتفرعة على العدالة الحقيقية

ثم لما سمعوا منه ما سمعوا قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ على وجه المبالغة والتأكيد وعدم

<<  <  ج: ص:  >  >>