للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خيراته واستقلاله في عموم تصرفاته الواقعة في مظاهره ومصنوعاته فقال بعد التيمن بِسْمِ اللَّهِ الذي ظهر على ما ظهر وبطن بعموم أسمائه وصفاته التي لا تعد ولا تحصى الرَّحْمنِ لعموم مظاهره بالرزق الأوفى الرَّحِيمِ لخواصهم يوصلهم الى جنة المأوى وسدرة المنتهى

[الآيات]

تَبارَكَ تعاظم وتعالى من كثرة الخيرات والبركات الملك الكامل الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وبقبضة قدرته جميع التدابير والتصاريف الجارية في ملكه وملكوته على وجوه الصور والتقادير وكيف لا وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من متفرعات جود وجوده قَدِيرٌ بالقدرة الشاملة والارادة الكاملة الخالق الموجد

الَّذِي خَلَقَ وقدر الْمَوْتَ وَالْحَياةَ حسب قهره ولطفه وجلاله وجماله وادارهما بينكم ايها المكلفون لِيَبْلُوَكُمْ ويختبركم أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وأصوبه وأصلحه وأخلصه واعلموا انكم ان لم تحسنوا العمل ولم تصلحوه بعد ما أمركم سبحانه بالإخلاص والإصلاح فينتقم عنكم بمقتضى قهره وغيرته وكيف لا وَهُوَ الْعَزِيزُ الغالب القادر المقتدر على وجوه الانتقام لمن خرج عن ربقة عبوديته الْغَفُورُ المقتدر على وجوه الانعام للمحسنين المخلصين المصلحين وكيف لا وهو

الَّذِي خَلَقَ أوجد واظهر سَبْعَ سَماواتٍ على عدد الصفات السبع الذاتية وجعلها طِباقاً متطابقة بعضها فوق بعض وبعضها جوف بعض وجعل تطبيقها ونظمها على وجه احكم ونظام ابلغ وأبدع بحيث ما تَرى ايها المعتبر الرائي فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ المستوي على عروش الأكوان مِنْ تَفاوُتٍ ينبئ عن عدم رعاية الحكمة والمصلحة فيه بل كله على مقتضى الحكمة المتقنة البالغة فان شككت ايها المعتبر الرائي فيه لقصور نظرك عن احاطة ما فيه من الحكم والمصالح في بادى الرأى فَارْجِعِ الْبَصَرَ وكرر النظر ثم بعد ذلك هَلْ تَرى وتجد فيه مِنْ فُطُورٍ خلل وشقوق وقعت فيه لا بمقتضى الحكمة والاحكام

ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ ان شئت وشككت كَرَّتَيْنِ مرتين او مرارا كثيرة الى حيث يَنْقَلِبْ ويرجع إِلَيْكَ الْبَصَرُ اى بصرك خائبا خاسرا خاسِئاً بعيدا عن المطلوب الذي هو رؤية الفطور وَهُوَ اى نظرك حين رجوعه إليك حَسِيرٌ كئيب كليل من طول المعاودة وكثرة المراجعة بلا فائدة تترتب عليه وعائدة تفوز بها من ادراك الفطور والقصور

وَمن كمال قدرتنا ومتانة حكمتنا لَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا اى السماء القريبة من الدنيا او المرئية منها بِمَصابِيحَ اى بكواكب كثيرة مضيئة منيرة في الليل كالسرج هي سبب رؤيتها والا فلا ترى وَمن جملة اختباراتنا الواقعة بين عبادنا انا قد جَعَلْناها اى تلك المصابيح رُجُوماً اى اسباب ظنون وجهالات لِلشَّياطِينِ ألا وهم المنجمون المرجفون الذين يرجمون بالغيب متمسكين بها وبحركاتها وأوضاعها وَبعد ما أضللناهم بها في الدنيا أَعْتَدْنا لَهُمْ في الآخرة عَذابَ السَّعِيرِ اى النار المسعرة جزاء ما اجترءوا على الله بدعوى الاطلاع على المغيبات مع انه من الخصائص الإلهية وما ذلك الا من كفرهم بالله وباستقلاله وتوحده في مطلق التصرفات الواقعة في ملكه وملكوته

وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وادعوا معه الشركة في أخص أوصافه وهو علم الغيب عَذابُ جَهَنَّمَ البعد والخذلان والطرد والحرمان وَبالجملة بِئْسَ الْمَصِيرُ مصير اهل الكفر ومأواهم ومن شدة اهوال جهنم وافزاعها انهم

إِذا أُلْقُوا فِيها اى قصد الزبانية القاءهم فيها بالعنف والزجر المفرط بعد ما أمرهم سبحانه بإلقائهم زجرا قد سَمِعُوا لَها اى لجهنم حينئذ شَهِيقاً صوتا هائلا مهولا على وجه التغيظ والغلظة كصوت الحمار وَالحال انه

<<  <  ج: ص:  >  >>