للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العزلة والفرار عن اصحاب الثروة والاستكبار صارفا عنان عزمك نحو إسقاط عموم الإضافات ومطلق الاعتبار طالبا للتجرّد عن ملابس الحياة المستعارة ملازما لسبيل الفناء المثمر للبقاء الأبدي والحياة الازلية السرمدية حتى تتخلص من اودية الضلال وتصل الى فضاء الوصال بتوفيق من لدنه وجذب من جانبه

[سورة القمر]

[فاتحة سورة القمر]

لا يخفى على من ترقى عن حضيض الإمكان ووصل الى ذروة وجوب الوجود وتمكن في مقام الكشف والشهود مجردا عن جميع القيود والحدود المنافية لصرافة الوحدة الذاتية ان ظهور الخوارق من المعجزات والكرامات وانواع الارهاصات الصادرة من النفوس الزكية القدسية الواصلة الى المبدأ الحقيقي الفانية فيه المضمحلة دونه انما هو بمقتضى الشئون الإلهية المترتبة على الأسماء والصفات الذاتية الإلهية ولا شك ان أكمل ارباب الوصول وأفضلهم انما هو نبينا الكامل المكمل المتحقق بمرتبة الخلة والخلافة صلوات الله وسلامه عليه ولهذا قد صدر عنه صلّى الله عليه وسلّم بحيث اشارته اللطيفة الشريفة ما صدر من المعجزات سيما انشقاق القمر ليلة البدر حسب اقتراح المنكرين عليه بإظهار الآيات والحاحهم إياه صلّى الله عليه وسلّم فصار انشقاقه هذا من امارات اقتراب الساعة الموعودة والنشأة الآتية المعهودة كما اخبر سبحانه عنه بعد ما تيمن بِسْمِ اللَّهِ المتجلى بالقدرة الكاملة على عموم مقدوراته الرَّحْمنِ لجميع مخلوقاته في النشأة الاولى بافاضة الوجود عليها بمقتضى الجود الرَّحِيمِ لنوع الإنسان حيث يوقظهم من منام الغفلة ويوصلهم الى مقام الوحدة ويطلعهم على قيام الساعة والطامة الكبرى التي قد انقهرت دونها نقوش الأغيار والسوى مطلقا

[الآيات]

اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وقد دنت القيامة الموعود قيامها ومن جملة علاماتها الموضوعة لها في علم الله انشقاق القمر ليلة البدر وَقد انْشَقَّ الْقَمَرُ باشارة الحضرة الختمية الخاتمية المحمدية صلّى الله عليه وسلّم معجزة له وامارة للساعة وقيامها باخبار الله إياها وقد وقع منه صلّى الله عليه وسلّم هذا الانشقاق وتواتر خبر وقوعه

وَالمنكرون المصرون على الإنكار والتكذيب المقيدون بعقال العقل الفضول المغلولون بأغلال الأحلام المشوبة بالخيالات والأوهام إِنْ يَرَوْا آيَةً معاينة دالة على قدرة الصانع الحكيم والقادر العليم يُعْرِضُوا عنها لعدم مطابقتها وموافقتها بعاداتهم واعتقاداتهم وبمقتضيات اوهامهم وخيالاتهم وَيَقُولُوا من شدة انكارهم وعنادهم هذا الذي صدر منه على خلاف العادة ما هو الا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ من زمان وقوعه لا مختلق مبتدع منه فقط

وَبالجملة قد كَذَّبُوا الآية الخارقة للعادة وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ المعتادة الفاسدة الموروثة لهم من آبائهم الضالة المضلة المسرفة وَهكذا كُلُّ أَمْرٍ رسخ وتمكن في نفوسهم سواء كان خيرا او شرا طاعة او معصية ولاية وعداوة مُسْتَقِرٌّ ثابت متمكن في مكانه بعد ما تقرر وتمرن بحيث لا يتعداه أصلا

وَمن نهاية تمكنهم ورسوخهم في الكفر والعناد وتمرنهم على البغي والفساد لَقَدْ جاءَهُمْ في القرآن المرشد لهم الى الهداية والعرفان مِنَ الْأَنْباءِ والاخبار والقصص والحكايات الجارية على القرون الماضية المصرة على العتو والعناد أمثالهم ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ اى وعيدات هائلة موجبة للانزجار الكامل والارتداع المتبالغ لأصحاب العبرة والاستبصار إذ هي كلها

حِكْمَةٌ متقنة بالِغَةٌ نهايتها في الاحكام

<<  <  ج: ص:  >  >>