للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنحصرة عليه ولايتهم إذ لا ولاية الا له الْحَمِيدُ المستحق لجميع المحامد بذاته إذ عموم المظاهر وذرائر الأكوان حامدة له سبحانه طوعا ورغبة حالا ومقالا

وَمِنْ آياتِهِ الدالة على كمال ولايته وتدبيره وتربيته خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى اظهار الكائنات العلوية والسفلية بامتداد اظلال أسمائه وصفاته عليها وَكذا خلق ما بَثَّ وبسط فِيهِما وركب منهما مِنْ دابَّةٍ ذي حياة وحركة وَبالجملة هُوَ سبحانه عَلى جَمْعِهِمْ اى جمع الاظلال والعكوس الى شمس الذات وقبضهم عليها بعد بثهم وبسطهم منها إِذا يَشاءُ ويريد قَدِيرٌ بلا فترة وتقصير

وَاعلموا ايها الاظلال الهالكة في أنفسها ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ مضرة مؤلمة فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ اى بسبب اقترافكم المعاصي والآثام وَمع ذلك يَعْفُوا سبحانه عَنْ كَثِيرٍ من المعاصي لا يعقبها بمصيبة تخفيفا لكم وتسهيلا

وَلو أراد سبحانه تعقيب كل معصية بمصيبة حسب عدله بلا غفر وتخفيف ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ له فِي الْأَرْضِ اى ليس لكم ان تفوتوا شيأ مما قضى سبحانه عليكم من المصائب المستتبعة لجرائمكم وآثامكم ان شاء وَالحال انكم عاجزون في انفسكم مقهورون تحت قبضة قهره وقدرته سبحانه إذ ما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ يتولى أموركم ويحفظكم عما يضركم وَلا نَصِيرٍ ينصركم على أعاديكم ويدفع عنكم ما يؤذيكم ويعينكم على ما مسكم

وَايضا مِنْ جملة آياتِهِ الدالة على ولايته الكاملة وتدبيراته الشاملة الْجَوارِ اى السفن الجارية فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ اى كالجبال الرواسي في الثقل والعظمة

إِنْ يَشَأْ سبحانه يُسْكِنِ الرِّيحَ المجرية لهن فَيَظْلَلْنَ ويبقين تلك السفن حينئذ رَواكِدَ سواكن عَلى ظَهْرِهِ اى على ظهر البحر ولججه فضاع جميع من فيها وما فيها إِنَّ فِي ذلِكَ الإجراء والإرسال لَآياتٍ دلائل واضحات وشواهد لائحات على تولية الحق وتدبيره لِكُلِّ صَبَّارٍ حبس نفسه في مقام الرضا بما قسم له ربه شَكُورٍ بما ظهر عليه من آلائه ونعمائه

أَوْ ان يشاء يرسلهن إرسالا عنيفا بالرياح العاصفة حتى يُوبِقْهُنَّ او يغرقهن ويهلك بعض من فيهن بِما كَسَبُوا اى بشوم أعمالهم التي اقترفوها من البخل والحسد والحرص المفرط والأمل الطويل وغير ذلك من الأخلاق المذمومة وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ اى ومع ذلك يتجاوز سبحانه عن إهلاك أكثرهم وينجيهم عن ورطة الهلاك لحسن أعمالهم وخلوص نياتهم تفضلا منه سبحانه إياهم وتكريما لهم كل ذلك ليختبر سبحانه عباده وينتقم عنهم ويميز منهم اهل الرضا والتسليم عن غيرهم

وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ اى يعلم المجادلون المكابرون فِي آياتِنا ومقتضياتها عدوانا وعنادا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ مهرب ومخلص من عذابنا ان تعلقت ارادتنا بانتقامهم وإهلاكهم وان استظهر اهل الحدال بالأموال والأولاد واستكبروا بها وافتخروا عليها قل لهم يا أكمل الرسل نيابة عنا

فَما أُوتِيتُمْ وأعطيتم مِنْ شَيْءٍ حقير قليل ما هي الا من حطام الدنيا ومتاعها فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فانية بفنائها تتمتعون بها فيها مدة يسيرة ثم تمضون مع حسرة كثيرة وندامة طويلة وَما عِنْدَ اللَّهِ من اللذات الروحانية والكرامات المعنوية خَيْرٌ من الدنيا وما فيها بل من آلافها واضعافها وَأَبْقى اقدم وأدوم لِلَّذِينَ آمَنُوا بوحدة الحق وانكشفوا بكمالات أسمائه وأوصافه وتحققوا بشهود شئونه وتجلياته وَهم بعد ما تمكنوا في مقام الرضاء والتسليم وتوطنوا في أعظم سواد الفقر وأعلى درجات عالم اللاهوت عَلى رَبِّهِمْ لا على غيره من الوسائل والأسباب العادية يَتَوَكَّلُونَ يفوضون أمورهم

<<  <  ج: ص:  >  >>