للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لوازم ناسوتك بالمرة ولا تلتفت الى مزخرفات الدنيا بل الى مستلذات العقبى ايضا ان كنت من أهل الله المؤمنين بلقاء الله والوصول الى كنف جواره وبالجملة عليك ان تتصف بالموت الإرادي قبل حلول الأجل الاضطراري الطبيعي حتى تكون أنت عند ربك دائما وفي كنف حفظه وجواره مستمرا بلا انتظار منك الى الطامة الكبرى والى الحساب والجزاء ولا يتيسر لك هذا الا بتوفيق الله وجذب من جانبه فلك السعى والاجتهاد والله الملهم للرشاد والهادي الى سبيل السداد

[سورة الفجر]

[فاتحة سورة الفجر]

لا يخفى على من ترقى عن حضيض الغفلة وغور الغرور الى ذروة المعرفة وأوج السرور ان الترفع من مضيق الناسوت والترقي نحو فضاء اللاهوت انما يحصل بالجذبة الغالبة الإلهية المفنية للقوى البهيمية المانعة عن مقتضياتها الطبيعية مطلقا المعطلة للوهم والخيال عن التصرف في عالم المثال الرادعة للعقل الفطري المنشعب من حضرة العلم الإلهي المقتبس من مشكاة لوح القضاء عن متابعة القوى الداركة البشرية وآلاتها وكذا عن سفارة الحواس الظاهرة والباطنة له ومعاونة الواهمة والمتخيلة اللتين هما من جنود إبليس الامارة بالسوء ولا شك ان هذا الترقي انما يتيسر بعد الموت الإرادي وبعد التبدل عن مقتضيات الأوصاف البشرية وحصوله انما هو بالميل الفطري المترتب على الرابطة المعنوية والعلقة الحقيقية التى هي مناط التكاليف الإلهية المثمرة لانواع المعارف والحقائق اللدنية المنتشئة عن صفاء مشرب التوحيد لذلك اقسم سبحانه بمسالك ارباب السلوك المهاجرين عن عالم الناسوت نحو فضاء اللاهوت منبها اصحاب اليقظة المترددين في بادية الطلب الساعين فيها لوجدان الارب وابتدأ بفلق صبح الانجلاء اللاهوتى فقال بعد ما تيمن بِسْمِ اللَّهِ المدبر لأمور عباده ليخرجهم من ظلمات الطبيعة الى نور الحقيقة الرَّحْمنِ عليهم بوضع التكاليف الشاقة القالعة لعرق الالف والعادة الموروثة لهم من مقتضيات عالم الناسوت الرَّحِيمِ لهم يميتهم بالموت الإرادي عن لوازم بشريتهم الزائلة الاركانية ولواحق هوياتهم الباطلة الامكانية

[الآيات]

وَالْفَجْرِ اى بحق انفلاق صبح السعادة الازلية المتنفس بالانفاس الرحمانية المتلألئ من سماء العماء وأفق العالم الأعلى اللاهوتى

وَلَيالٍ عَشْرٍ اى بحق ليالي الحواس العشر المقبلة الى الأدبار والانمحاء عند انجلاء الفجر اللاهوتى وضياء صبح العماء الذاتي وطلوع الفجر الجبروتى

وَالشَّفْعِ اى بحق رفع شفع الملوين وتجدد الجديدين وارتفاعهما عن العين وانمحائهما من البين وَالْوَتْرِ اى بحق الوجود الوحدانى المطلق المنزه عن التعدد والتكثر مطلقا في ذاته

وَاللَّيْلِ اى بحق ليل العدم المظلم في ذاته المرأة للوجود المطلق الذي يتراءى منه عموم كمالاته إِذا يَسْرِ وذهبت ظلمته بامتداد اظلال الوجود وشروق شمس الذات عليه

هَلْ يحتاج فِي ذلِكَ اى في كل واحد واحد من المقسمات العظيمة الشأن قَسَمٌ ويمين يؤكدها لِذِي حِجْرٍ وعقل فطري خالص عن شوب الوهم والخيال خال عن مزاحمة مطلق الالف والعادات الحاصلة من سلاسل الرسوم وأغلال التقليدات الناشئة من ظلمات الطبيعة وبالجملة قد اقسم سبحانه بهذه المقسمات الرفيعة القدر والمكان انه سبحانه يعذب اصحاب الزيغ والضلال المقيدين بسلاسل الحرص وأغلال الآمال في الدنيا بشهوات الإمكان وفي الآخرة بدركات النيران يعنى كفار مكة خذلهم الله

أَاستبعدت أنت ايضا يا أكمل الرسل تعذيبنا إياهم وانتقامنا عنهم ولَمْ تَرَ اى لم تعلم ولم تجزم بالتواتر

<<  <  ج: ص:  >  >>