للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواقع منهما او يوافقه بل لهم ان يطيعوا وينقادوا لحكم رسول الله الذي هو حكم الله حقيقة وَبالجملة مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ سيما بتغيير ما قد حكم به رسول الله صلّى الله عليه وسلم وادعاء الخيرة والاختيار في المأمور به من قبله صلّى الله عليه وسلم فَقَدْ ضَلَّ به عن طريق الهداية ضَلالًا مُبِيناً وانحرف عن منهج الصواب والرشد انحرافا عظيما وبعد ما قد نزلت الآية رضيت زينب وأمها وأخوها فخطبها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على زيد ومضى عليها زمان الى ان جاء صلّى الله عليه وسلّم يوما من الأيام الى بيت زيد وليس هو في بيته فرأى زينب فأعجبته فقال صلّى الله تعالى عليه وسلّم متعجبا سبحان الله مقلب القلوب فسمعتها زينب وانصرف صلّى الله عليه وسلّم فلم جاء زيد أخبرته زينب بمجيئه صلّى الله عليه وسلّم وتسبيحه هكذا فالفى زيد في نفسه كراهتها فاتى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال أريد ان اطلق صاحبتي فقال صلّى الله عليه وسلّم أرى بك منها شيء قال والله ما رأيت منها الا خيرا ولكنها قد تترفع على بمقتضى شرافتها ونسبها

وَبعد ما قد سمعت يا أكمل الرسل من زيد ما سمعت اذكر وقت إِذْ تَقُولُ أنت لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ إذ قد وفقه للايمان وقبول الإسلام وشرفه بشرف صحبتك يعنى زيدا وَقد أَنْعَمْتَ ايضا عَلَيْهِ حيث أعتقته ودعوته وزوجته أَمْسِكْ يا زيد عَلَيْكَ زَوْجَكَ بعد ما لم ير بك منها شيء وَاتَّقِ اللَّهَ المنتقم الغيور واحذر عن بطشه بطلاق العفيفة والمفارقة منها بلا وصمة عيب ظهرت عنها وسمة نقص لاحت منها وَالحال انه أنت يا أكمل الرسل حينئذ تُخْفِي وتضمر فِي نَفْسِكَ حين قولك لزيد هكذا مَا اللَّهُ المطلع لما في القلوب العليم بما في الصدور مُبْدِيهِ يعنى شيأ وامرا هو سبحانه مظهره ومعلنه وهو ميلك الى زينب ونكاحها وارادتك بطلاق زيد وافتراقه عنها وَما سبب اخفائك هذا وإظهارك ضد مطلوبك الا انك تَخْشَى النَّاسَ من ان يعيروك بمناكحة زوجة عتيقك ودعيّك ويرموك بما لا يليق بشأنك مع انك برئ عنه وَاللَّهُ المطلع على عموم ما ظهر وبطن أَحَقُّ واولى من أَنْ تَخْشاهُ أنت وتستحي منه وتخاف إذ سبحانه غيور ينتقم عمن يشاء ويأخذه على ما يشاء بالإرادة والاختيار وما هذه الآية الا عتاب شديد وتأديب بليغ قالت عائشة لو كتم النبي شيأ مما انزل اليه لكتم هذه الآية البتة وبالجملة قد طلقها زيد ومضت عليها العدة قال صلّى الله عليه وسلم لزيد اذهب فاذكرها على فذهب زيد فقال يا زينب ان نبي الله أرسلني إليك بذكرك قالت ما انا بصانعة شيأ حتى اومر من ربي وقامت الى الصلاة فنزلت فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها اى من زينب وَطَراً ومصاحبته وطلقها باينا ومضت عدتها قد زَوَّجْناكَها يعنى زوجناك يا أكمل الرسل زينب بلا نصب ولى من الجانبين على الرسم المعهود في الشرع بل قد أبحنا لك الدخول عليها بلا عقد معروف وصيرناها زوجتك بلا مهر وعقر لذلك قد كانت تباهي على سائر النساء قائلة ان الله قد تولى نكاحي وأنتن زوجكن اولياؤكن فدخل صلّى الله عليه وسلّم عليها بلا اذن ولا عقد نكاح ولا صداق ولا شهود واطعم الناس خبزا ولحما. ثم قال سبحانه لِكَيْ لا يَكُونَ يعنى قد فعلنا ذلك كذلك لكيلا يكون عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ وضيق واثم فِي تزوج أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ الذين تبنوهم وسموهم أبناء محبة وولاء إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً يعنى بعد ما طلقوهن وسرحوهن سراحا جميلا وَبالجملة قد كانَ أَمْرُ اللَّهِ وحكمه المبرم المثبت في لوح قضائه مَفْعُولًا مقضيا نافذا كائنا على تعاقب الأحيان والأزمان. ثم قال سبحانه تسلية لنبيه وحطا

<<  <  ج: ص:  >  >>