للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معاشكم في اقامتكم وترحالكم تتميما لتربيتكم وحفظكم لتواظبوا على شكر نعمه وتلازموا لعبادته وعبوديته بالتبتل الخالص والإخلاص التام

لهذارِيكُمْ

ايها المغمورون المستغرقون في بحار افضاله وجوده اتِهِ

الدالة على وجوب وجوده ووحدة ذاته واستقلاله في الآثار الصادرة منه سبحانه حسب أسمائه وصفاته وبالجملةأَيَ

آية من اتِ اللَّهِ

الدالة على كمال ألوهيته وربوبيته نْكِرُونَ

ايها المسرفون المشركون

أَينكر المشركون المصرون على الخروج عن مقتضى الحدود الإلهية كمال قدرته سبحانه على انواع الانتقام والعذاب فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ التي هي محل الكون والفساد فَيَنْظُرُوا عليها معتبرين من البلاقع الخربة والاظلال المندرسة الكربة كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الأمم الهالكة المسرفة الَّذِينَ مضوا مِنْ قَبْلِهِمْ مع انهم قد كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ عددا وعددا وَأَشَدَّ قُوَّةً وقدرة وبسطة واستيلاء وَاحكم آثاراً فِي الْأَرْضِ اى ابنية في القصور وقلاعا وحصونا مشيدة مرفوعة ومع ذلك فَما أَغْنى فما دفع وما أزال ورفع عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ ويصنعون من الأمور المذكورة شيأ من غضب الله وعذابه بل قد لحقهم ما لحقهم من العذاب بحيث لا شعور لهم باماراته ومقدماته أصلا فاستأصلهم بالمرة

فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ اى فهم قد كانوا في عتوهم وعنادهم يعمهون أمثال هؤلاء المسرفين لما جاءتهم رسلهم المبعوثون إليهم بالمعجزات والآيات الواضحات المبينة لطريق التوحيد لم يلتفتوا إليها ولم يلقوا اسماعهم نحوها تعنتا واستكبارا بل هم قد فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ اى الجهل المركب المركوز في طباعهم من تقليد آبائهم على وجه الإصرار بلا التفات منهم الى ما قد ظهر من الوحى الإلهي المنزل على رسلهم بل كذبوهم واستهزؤا بهم وَلهذا قد حاقَ وأحاط بِهِمْ وبال ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ حين دعوة الرسل وإرشادهم الى طريق الحق بأنواع الوعد والوعيد وهم قد كانوا على ما هم عليه من العناد مصرين مستكبرين

فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا اى بطشنا وعذابنا قد حل عليهم وأحاط بهم قالُوا حينئذ متذكرين دعوة رسلهم متحسرين على ما فوتوا على أنفسهم آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ على الوجه الذي هدانا اليه رسله وَكَفَرْنا بِما قد كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ من قبل من الأصنام والأوثان وسائر ما عبدنا من دونه سبحانه وبالجملة

فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا إذ حينئذ قد انقضى زمان التدارك والتلافي وبالجملة قد كانت هذه الديدنة المستمرة سُنَّتَ اللَّهِ العليم الحكيم الَّتِي قَدْ خَلَتْ ومضت فِي عِبادِهِ المستكبرين عن طاعته وانقياده حين دعوة الرسل وإرشادهم إياهم وَبعد حلول او ان البأس ونزول العذاب قد خَسِرَ وخاب خيبة مؤبدة هُنالِكَ عنده ودونه الْكافِرُونَ المصرون على الإنكار والاستهزاء خسرانا عظيما في الدنيا وفي الآخرة أعظم منه وأدوم. أعاذنا الله وعموم عباده من بأسه وبطشه بمنه وجوده

[خاتمة سورة المؤمن]

عليك ايها المحمدي القاصد نحو الحق المتوجه الى توحيده وفقك الله الى إنجاح مهامك وأوصلك الى منتهى مقصدك ومرامك ان تكون أنت في عموم أوقاتك وحالاتك على خبرة كاملة من آيات الله النازلة من عنده سبحانه لهداية عباده التائهين في فضاء وجوده وعبرة تامة من سريان وحدته الذاتية على عموم هياكل ما لمع عليه بروق تجلياته الجمالية والجلالية المنتشئة من ذاته حسب شئونه

<<  <  ج: ص:  >  >>