للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خصوصا وَدًّا فانه من أعظم آلهتكم وَلا سُواعاً ايضا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً فإنها كلها غرانيق عظام ترتجى منها الشفاعة لعصاة العباد وبالجملة عليكم ان لا تتركوا عبادة آلهتكم بقول هذا الطريد السفيه

وَهم بمكرهم هذا قَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً من الناس بتزويراتهم الباطلة وتغريراتهم الهائلة الشاملة لأهل الحيرة والضلال وَبالجملة لا تَزِدِ الظَّالِمِينَ يا ربي إِلَّا ضَلالًا فوق ضلال وإصرارا غب إصرار. ثم قال سبحانه بعد ما بالغ نوح عليه السلام في الضراعة والمناجاة

مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ اى من أجل وفور خطاياهم وكثرتها أُغْرِقُوا بالطوفان أولا فَأُدْخِلُوا ناراً نوعا من عذاب النار عقيب عذاب الطوفان في البرازخ فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ حين طغيان الماء وطوافه عليهم مِنْ دُونِ اللَّهِ القادر المقتدر على رفع الموانع ودفع المضار أَنْصاراً شفعاء من الأصنام كما زعموا فلهذا لم ينصرهم الله فهلكوا بالغرق بالمرة

وَبعد ما قد يئس نوح عليه السلام عن ايمان قومه وقنط عن فلاحهم وصلاحهم أخذ يدعو عليهم حيث قالَ نُوحٌ رَبِّ يا من رباني على فطرة الهداية والرشد ولا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ التي وضعتها للعبادة والطاعة مِنَ الْكافِرِينَ المصرين على الكفر والعناد والإلحاد عن سبيل الرشد والسداد دَيَّاراً أحدا يدور عليها

إِنَّكَ يا ذا الحكمة البالغة إِنْ تَذَرْهُمْ على الأرض على ما كانوا عليه يُضِلُّوا عِبادَكَ المؤمنين بك المصدقين بوحدانيتك وفردانيتك البتة وَمع ذلك لا يَلِدُوا ولا يتناسلوا بعد ذلك إِلَّا فاجِراً خارجا عن مقتضى الحدود الإلهية الموضوعة لحفظ القسط والعدالة كَفَّاراً ستارا للحق بترويج الباطل عليه وانما دعا عليهم بهذا بعد ما قد جربهم ألف سنة الا خمسين سنة فعرف منهم جميع خصائلهم المذمومة. ثم نادى ربه لنفسه ولوالديه ولمن اهتدى بهدايته وإرشاده فقال

رَبِّ يا من ربيتني بمقتضى كرمك وجودك لمصلحة معرفتك وتوحيدك اغْفِرْ لِي بفضلك وإحسانك وَلِوالِدَيَّ اسم أبيه لمك بن متوشلخ واسم امه شمخا بنت أنوش وكانا مؤمنين موحدين وَاغفر ايضا بفضلك يا ربي لِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ سفينتي وحرزي وديني ومذهبي مُؤْمِناً موقنا بارشادى وتكميلى وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ من الأمم السالفة واللاحقة الى يوم القيامة وَبالجملة لا تَزِدِ الظَّالِمِينَ الخارجين عن عروة عبوديتك وربقة رقيتك إِلَّا تَباراً هلاكا وخسارا وبالا وبوارا. ونحن ندعو ايضا على الكافرين المصرين على كفرهم وشركهم المتوغلين في بحر الحيرة والضلال المتشبثين بأذيال التقليد الظاهرين على ارباب التوحيد والمعرفة بأنواع الجدال والمراء بما دعا به نوح عليه السلام ونرجو ايضا ان نكون من الناجين ببركة دعائه ودعاء نبينا صلوات الله عليه وسلامه على نبينا وعليه وعلى عموم إخوانه من النبيين

[خاتمة سورة نوح عليه السلام]

عليك ايها الموحد المحمدي الداخل في سفينة الشريعة المصطفوية المنجية لنفسك عن طوفان القوى البشرية وطغيان اللذة البهيمية المانعة عن التلذذ باللذات المعنوية الروحانية ان تتشبث بذيل همة المرشد الكامل المكمل الذي يرشدك الى سرائر الشريعة وحكم الاحكام الموردة فيها ومصالح الأوامر والنواهي بارادة صادقة وعزيمة خالصة صافية عن شوب مطلق الرياء والرعونات العائقة عن الميل

<<  <  ج: ص:  >  >>