للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأحوال حالا حاضرا وَكذا عموم ما خَلْفَهُمْ من الأخلاق والأطوار ماضيا ومستقبلا غائبا وَبالجملة إِلَى اللَّهِ الذي قد بدأ منه عموم ما بدا تُرْجَعُ الْأُمُورُ الكائنة ازلا وابدا ظاهرا وباطنا حالا ومآلا دنيا وعقبى

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بوحدة الحق ورجوع الكل نحوه أولا وبالذات ارْكَعُوا عنده خاضعين خاشعين منكوسين منكسرين وَاسْجُدُوا له متواضعين متذللين وَبالجملة اعْبُدُوا بجميع اركانكم وجوارحكم رَبَّكُمْ الذي رباكم بأنواع النعم كي تعرفوا ذاته حسب استعداداتكم وقابلياتكم واشكروا نعمه الفائضة عليكم وأدوا حقوق كرمه مقدار وسعكم واعبدوا إياه حق عبادته حسب طاقتكم وَبالجملة افْعَلُوا الْخَيْرَ على الوجه الذي أمرتم به طلبا لمرضاته واحذروا عن الشر هربا عن سخطه وحلول غضبه لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ تفوزون بما وعدتم من جنة المأوى وشرف اللقاء. وفقنا بفضلك وجودك بما تحب عنا وترضى

وَبعد ما سمعتم ما سمعتم من علو شأنه وكمال عظمته وكبريائه وبسطته وبهائه جاهِدُوا فِي اللَّهِ واجتهدوا في طريق توحيده حَقَّ جِهادِهِ وابذلوا وسعكم وطاقتكم في سلوك سبيل المعرفة والتوحيد مرابطين قلوبكم الى الله باذلين مهجكم في سلوك سبيل الفناء فيه وكيف لا تجاهدون مع انفسكم ولا يرابطون قلوبكم ايها المائلون الى الله بالميل الحبى الشوقى مع انه هُوَ بذاته قد اجْتَباكُمْ واصطفاكم من بين بريته لدرك توحيده والاتصاف بعرفانه وقد أرسل عليكم الرسل وانزل الكتب ليرشدوا لكم اليه ويبينوا لكم طريق توحيده بوضع المناهج والطرق والمسالك الموصلة اليه والملل والأديان المثمرة له وَبالجملة ما جَعَلَ سبحانه عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ والشريعة الموضوعة بينكم مِنْ حَرَجٍ ضيق وعسر خارج عن وسعكم وطاقتكم بل قد وسع سبحانه عليكم الأمر وفضلكم على سائر خليقته حيث فطركم على فطرة المعرفة وجبلكم على جبلة التوحيد وجعل ملتكم مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ صلوات الرّحمن عليه وسلامه إذ لا ضيق فيه ولا حرج أضاف سبحانه ابوة ابراهيم الى الامة إذ هو صلّى الله عليه وسلم جد الرسول صلّى الله عليه وسلّم والرسول أب لهم إذ رسول كل امة بالنسبة الى أمته أب بل هو خير الآباء بإرشادهم الى الحق ولا معنى للأب حقيقة الا المرشد المربى وكما جعل سبحانه ملتكم ملة ابراهيم هُوَ سبحانه بذاته ايضا قد سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ في كتبه السالفة حيث قال سبحانه من يؤمن ويصدق بمحمد خاتم النبوة والرسالة يصير مسلما وَفِي هذا الكتاب قد بين التسمية على وجه التسليم وسماكم فيه ايضا مسلمين ضمنا وانما سماكم سبحانه مسلمين مسلمين منقادين لِيَكُونَ الرَّسُولُ الذي هو أكمل الرسل وأفضل الأنبياء بنفسه شَهِيداً عَلَيْكُمْ شاهدا على انقيادكم وتسليمكم في يوم الجزاء وَتَكُونُوا أنتم ايضا بسبب هذا الاسم والتسمية والاضافة أفضل الأمم واشرف الفرق وبواسطة كونكم من أمته وزمرته وتحت لوائه وفي حيطة حوزته تكونون شُهَداءَ أمناء عَلَى عموم النَّاسِ بتبليغ رسالته صلّى الله عليه وسلم إليهم واظهار الدعوة لهم وبعد ما ثبت خيريتكم وشرفكم فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ واديموا الميل والتوجه نحو الحق بجميع الجوارح والأركان تقربا اليه شوقا وتحننا وَآتُوا الزَّكاةَ المسقطة لميلكم والتفاتكم الى زخرفة الدنيا وحطامها وَبالجملة اعْتَصِمُوا بِاللَّهِ في كل الأحوال واثقين بفضله وجوده وفوضوا أموركم كلها اليه متوكلين عليه إذ هُوَ مَوْلاكُمْ ناصركم ومعينكم ومتولى أموركم فَنِعْمَ الْمَوْلى الأمين هو سبحانه وَنِعْمَ النَّصِيرُ الناصر المعين ذو القوة المتين حسبنا الله ونعم الوكيل

<<  <  ج: ص:  >  >>