للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اى العداوة والخصومة التي قد وقعت بينكم بوسوسة الشيطان واغوائه وَبالجملة أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وانقادوا أمرهما ولا تجاوزوا عن حكمهما إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ موقنين بتوحيد الله وتصديق رسوله

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الكاملون في الايمان المتحققون بمرتبة اليقين والعرفان المصدقون بالرسول المبين لهم طريق التوحيد هم الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ الواحد الأحد المتفرد بالالوهية المتوحد بالربوبية وَجِلَتْ اى خافت وترهبت واضطربت قُلُوبُهُمْ من سطوة سلطنة عظمته وجلاله وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ الدالة على بسطته وكبريائه النازلة على رسله وأنبيائه زادَتْهُمْ تلك الآيات إِيماناً وتصديقا وإذعانا ويقينا عيانا وعرفانا وَهم من كمال يقينهم وعرفانهم عَلى رَبِّهِمْ لا على غيره من الأسباب الناقصة والرسوم العادية يَتَوَكَّلُونَ يتوسلون ويستعينون منه سبحانه في عموم الأمور بلا رؤية الوسائل في البين لتحققهم بمقام التوحيد المسقط للالتفات الى غير الحق مطلقا

الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ويديمون الميل الى الله في جميع حالاتهم مراقبين لفيضه وجذب من جانبه وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ من كد يمينهم يُنْفِقُونَ في سبيله طلبا لمرضاته

أُولئِكَ السعداء المقبولون عند الله هُمُ الْمُؤْمِنُونَ المتحققون لمرتبة الإذعان والإيقان حَقًّا ثابتا مستقرا بلا اضطراب وتزلزل وبالجملة لَهُمْ دَرَجاتٌ عظيمة عِنْدَ رَبِّهِمْ من درجات العلم والعين والحق وَمَغْفِرَةٌ اى ستر لأنانياتهم وتعيناتهم وَرِزْقٌ كَرِيمٌ معنوي بدلها يرزقون به فرحين عناية من الله لان من توجه نحو الحق ومال الى جنابه ميلا مسقطا للتوجه الى الغير مطلقا وخرج عن لوازم بقعة الإمكان الى حيث ينفق ويبذل عموم ما نسب اليه من اموال الدنيا وزخارفها معرضا عنها مخرجا محبتها عن قلبها اعطى سبحانه له بدل إخلاصه من الرزق المعنوي ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر

كَما اعطاك يا أكمل الرسل حين أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ وقت إذ أخبرك جبرئيل عليه السّلام من اقبال عير مكة من قبل الشأم وفيها ابو سفيان اخبارا ملتبسا بِالْحَقِّ المطابق للواقع وَالحال إِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ خروجك ومن كمال كراهتهم

يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ الصريح الذي هو الجهاد سيما بَعْدَ ما تَبَيَّنَ وظهر لك بوحي الله إياك ووعده النصرة والظفر لك وهم من غاية رعبهم حين خروجهم كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ مثل البهائم نحو المسلخ وَهُمْ حينئذ يَنْظُرُونَ حيارى خائفين مرهوبين مع انه قد كتب لهم الظفر والغنيمة والغلبة من عند ربهم وذلك ان عير قريش أقبلت من الشأم وفيهم ابو سفيان مع أربعين من الفرسان ومعهم تجارة عظيمة فأخبر جبرئيل عليه السّلام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخبر الرسول للمؤمنين فخرجوا مسرعين بلا عدة استقلالا لهم وميلا الى أموالهم فلما خرجوا من المدينة بلغ خبر خروجهم الى العير فانصرفوا عن الطريق وأرسلوا خبرهم الى مكة فاستغاثوا فخرج ابو جهل مع جمع كثير فمضوا الى بدر وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بوادي دقران فنزل عليه جبرئيل عليه السّلام ثانيا يعده احدى الطائفين اى العدو او العير فاستشار رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أصحابه وان كان رأيه الى القتال فقال بعضهم هلا ذكرت لنا القتال حتى نتأهب له انا قد خرجنا للعير فقال صلّى الله عليه وسلّم ان العير قد مضت على ساحل البحر وهذا ابو جهل قد اقبل فقالوا كارهين مرعوبين يا رسول الله عليك بالعير ودع العد وفقد غضب صلّى الله عليه وسلّم فقال المقداد بن عمرو يا رسول الله امض بما أمرك الله فانا معك حيثما

<<  <  ج: ص:  >  >>