للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الله في تعليل عدم ايمانهم برسول الله صلّى الله عليه وسلّم إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنا في التورية وأوصانا أَلَّا نُؤْمِنَ ولا نقر لِرَسُولٍ اى لكل رسول يدعى الرسالة من عنده سبحانه ويظهر المعجزة وفق دعواه حَتَّى يَأْتِيَنا في أظهرنا وبين أيدينا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ وتحيله النَّارُ النازلة من جانب السماء وذلك لأنهم ادعوا ان أنبياء بنى إسرائيل يتقربون الى الله بقربان فيتقدم النبي يدعو والناس حوله فينزل نار من جانب السماء فتحيل القربان الى طبعها فجأة وقد كان هذه علامة قبول الله قرابينهم قُلْ لهم يا أكمل الرسل تبكيتا وإلزاما قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ اى المعجزات الواضحة الدالة على رسالتهم وَخصوصا بِالَّذِي قُلْتُمْ وادعيتم فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ مع إتيانهم بعموم ما اقترحتم منهم إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في ان ايمانكم موقوف على هذه المعجزة

وإذا كان أمرهم هذا وشانهم هكذا فَإِنْ كَذَّبُوكَ وأنكروا عليك يا أكمل الرسل لا تبال بتكذيبهم وانكارهم فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ ذووا معجزات كثيرة وآيات كبيرة ومع انهم انما جاؤُ على من أرسل إليهم بِالْبَيِّناتِ الواضحة الموضحة وَالزُّبُرِ اى الصحف المشتملة على الاحكام فقط وَالْكِتابِ الجامع للحكم والاحكام والعبر والمواعظ والرموز والإشارات الْمُنِيرِ على عموم من استنار منه واسترشد ومع ذلك قد أنكروا عليه واستكبروا فمضوا هم ومن أنكر عليهم واستكبر

إذ كُلُّ نَفْسٍ خيرة كانت او شريرة ذائِقَةُ كأس الْمَوْتِ عند حلول الأجل المقدر له من لدنا وَبالجملة إِنَّما تُوَفَّوْنَ وتعطون أُجُورَكُمْ اى جزاء أعمالكم خيرا كان او شرا يَوْمَ الْقِيامَةِ المعد للجزاء والوفاء فَمَنْ زُحْزِحَ وبعد بصالح اعماله عَنِ النَّارِ المعدة للفجرة والأشقياء وَأُدْخِلَ بسببها الْجَنَّةَ التي أعدت للصلحاء والسعداء فَقَدْ فازَ فوزا عظيما ومن لم بزحزح عن النار ولم يبعد عنها بل ادخل فيها لفساد عمله فقد خسر خسرانا مبينا وَبالجملة اعلموا ايها المكلفون بالإيمان والأعمال الصالحة المتفرعة عليه مَا الْحَياةُ الدُّنْيا التي أنتم تعيشون بها فيها إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ بمزخرفاتها يغركم بلذاتها الفانية الغير القارة عن النعيم الدائم واللذة المستمرة وأنتم ايها المغرورون بمزخرفاتها الدنية لا يتنبهون.

والله ايها المؤمنون لَتُبْلَوُنَّ ولتختبرن فِي إتلاف أَمْوالِكُمْ التي هي حطام دنياكم وَايضا باماتة أَنْفُسِكُمْ وأولادكم التي هي الهالكة المستهلكة في حدود ذواتها وَلَتَسْمَعُنَّ اخبارا ووقائع مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ من اليهود والنصارى وَايضا مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ممن لا كتاب لهم ولا نبي أَذىً كَثِيراً يؤذيكم سماعها فكيف ادراكها كل ذلك لتوطنوا انفسكم على مقتضيات التوحيد وتمكنوها في مقام الرضا والتسليم كي تستقروا في مقام العبودية مطمئنين بلا تزلزل وتلوين وَإِنْ تَصْبِرُوا ايها الموحدون بأمثالها وَتَتَّقُوا عن الإضرار بها والشكوى عنها فَإِنَّ ذلِكَ اى صبركم وتقويكم هذا مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ اى من الأمور التي قد عزم عليها عموم ارباب المحبة والولاء المستكشفين عن غوامض اسرار التوحيد فعليكم ان تواظبوا عليها ان كنتم راسخين في طلب اليقين. ثبتنا بلطفك على منهج الاستقامة واعذنا من موجبات الندامة يوم القيمة

وَاذكر يا أكمل الرسل لمن يؤذيك من اهل الكتاب وقت إِذْ أَخَذَ اللَّهُ المرسل للرسل المنزل للكتب مِيثاقَ اى العهد الوثيق على الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ من اخبار اليهود والنصارى لَتُبَيِّنُنَّهُ اى الكتاب صريحا واضحا بلا تبديل

<<  <  ج: ص:  >  >>