للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في قلوبهم وَكأنه قد قِيلَ لأسماعهم من قبل الحق تضليلا لهم وتغريرا حسب اسمه المضل المذل اقْعُدُوا ايها المنهمكون في الغفلة مَعَ الْقاعِدِينَ من النساء والصبيان والمرضى والزمنى وانما ثبطهم سبحانه وكره نهوضهم وانبعاثهم

إذ قد علم سبحانه منهم انهم لَوْ خَرَجُوا معكم وكانوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا فسادا وإفسادا بالغيبة والتميمة وإيقاع الفتنة بينكم وَلَأَوْضَعُوا اسرعوا وادخلوا ركائبهم خِلالَكُمْ ليخللوا بينكم ويفرقوا جمعكم حتى يشتغلوا بالنميمة وإذا ازدحم العدو هزموكم بتفريق جمعكم وتشتيت شملكم وبالجملة هم انما يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ ويوقعونكم فيها باى وجه أمكن وَالحال انه فِيكُمْ ومن جمعكم وبين أظهركم قوم سَمَّاعُونَ لَهُمْ اى ضعفة يسمعون قولهم ويقبلون نصحهم ويرغبون إليهم ويطيعون أمرهم وَاللَّهُ المطلع لأحوال عباده عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ الخارجين عن مقتضى أوامره سرا وعلانية

والله لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ يعنى ليس هذا أول ابتغائهم وإيقاعهم بل هم قد أوقعوا الفتنة مِنْ قَبْلُ وأرجفوا بهلاكك وشتتوا شمل أصحابك وَقَلَّبُوا لَكَ ولأصحابك الْأُمُورَ حَتَّى جاءَ الْحَقُّ اى النصر والتأييد الموعود لك يا أكمل الرسل المقرر دونه سبحانه من نصر دينك وإظهاره على عموم الأديان ونسخه إياها وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ ونفذ حكمه وقضيت حكمته وعلت كلمته وَهُمْ من خبث بواطنهم كارِهُونَ ظهور دينك وارتفاع شأنك وسمو برهانك

وَمِنْهُمْ من المستأذنين المتخلفين مَنْ يَقُولُ لك حين استأذن منك يا أكمل الرسل بالقعود ائْذَنْ لِي بالقعود إذ ليس لي قوة الخروج وَلا تَفْتِنِّي ولا توقعني في الفتنة والمعصية بالخروج انى أخاف على نفسي من انواع الفتن والمعاصي لو خرجت قل لهم يا أكمل الرسل توبيخا وتقريعا أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا يعنى تنبهوا ايها المؤمنون المتنبهون انهم قد وقعوا في فتنة التخلف واظهار النفاق والشقاق باستيذانهم هذا وقولهم هكذا واستحقوا سوء العذاب وأشد النكال وَبالجملة إِنَّ جَهَنَّمَ البعد والخذلان لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ في الدنيا والآخرة ومن شدة شكيمتهم وغيظ قلوبهم معك يا أكمل الرسل

إِنْ تُصِبْكَ في بعض أسفارك وغزواتك حَسَنَةٌ ظفر وغنيمة تَسُؤْهُمْ وتزيد غيظهم ونفاقهم وَإِنْ تُصِبْكَ أحيانا مُصِيبَةٌ كسر وهزيمة يَقُولُوا تصحيحا وتحسينا لرأيهم الفاسد قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا وقد أصبنا فيه مِنْ قَبْلُ اى حين تعوقنا وتخلفنا عن هؤلاء المستجسنين أمرهم وشأنهم وَيَتَوَلَّوْا عن مجمعهم الذي يشامتون فيه بحال المؤمنين تبحبحا وَهُمْ في رجوعهم وانصرافهم عند تفرقهم فَرِحُونَ مسرورون

قُلْ يا أكمل الرسل للمشامتين المنافقين بمقتضى كشفك وشهودك بربك لَنْ يُصِيبَنا من الحوادث والمصيبات الكائنة في علم الله ولوح قضائه إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ المقدر للآجال والأرزاق وجميع الأحوال والأفعال وعموم الحوادث والملمات الجارية في عالمي الغيب والشهادة لَنا وخصصنا به في حضرة علمه ولوح قضائه إذ هُوَ بذاته وبمقتضيات أسمائه الكاملة وأوصافه الشاملة مَوْلانا ومتولى عموم أمورنا يصنع بنا بمقتضى ما قد ثبت في حضرة علمه بلا تبديل ولا تغيير وَبالجملة مالنا الا الرضا بعموم ما جرى علينا من القضاء لذلك عَلَى اللَّهِ لا على غيره من الوسائل والأسباب العادية إذ مرجع الكل اليه كما ان مبدأه منه أولا وبالذات فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ بتوحيد الذات وسريان سر الوحدة الذاتية الإلهية المتجلية على صفحات الكائنات وصحائف المكونات

قُلْ لهم ايضا هَلْ تَرَبَّصُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>