للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسلية لهما وتأييدا لا تَخافا من افراطه وطغيانه إِنَّنِي مَعَكُما وقت ادائكما الرسالة بحيث أَسْمَعُ أقواله وَأَرى أفعاله فمتى أفرط عليكما انا اقدر على منعه وزجره

فَأْتِياهُ مجترئين عليه من غير مبالاة بعظمته ومهابته فَقُولا له صريحا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ الذي رباك بأنواع العزة والكرامة وابقاك بها زمانا امهالا لك الى ان تتكبر عليه باستكبارك على عباده فإذا ظهر كبرك وخيلاؤك الآن فقد أرسلنا الله إليك ايها المتكبر المتجبر لترسل معنا خواص عباده الذين عندك وتحت قهرك وغلبتك إنجاء لهم عن استكبارك وطغيانك عليهم ومتى سمعت ما بلغناك باذن الله ووحيه فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ المستوحشين عنك من غاية ظلمك وقهرك عليهم واطلقهم من رقك لينجوا من استيلائك واستعلائك عليهم وَبعد ما قد أرسلنا الله لإنجائهم وتخليصهم من عذابك لا تُعَذِّبْهُمْ بعد اليوم سيما بعد ما أدينا الرسالة على وجهها عليك وبلغناها إليك ولا تكذبنا في رسالتنا هذه انا قَدْ جِئْناكَ بِآيَةٍ ساطعة قاطعة ومعجزة باهرة ظاهرة دالة على انها مِنْ رَبِّكَ الذي هو رب العالمين ان تأملت فيها حق التأمل والتدبر لتركت العتو والعناد وأمنت بتوحيده البتة وَبالجملة السَّلامُ اى الأمن والسلامة والتوفيق من الله عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى وتأمل في الآيات الكبرى وترك اتباع الهوى ومن اتبع الهوى فقد ضل وغوى واستحق بعذاب الآخرة والاولى واعلموا ايها الهالكون في تيه الغفلة والضلال

إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا من عند ربنا أَنَّ الْعَذابَ الإلهي نازل عَلى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى اى كذب بالحق واعرض عن أوامره ونواهيه ثم لما أتيا فرعون واديا الرسالة على الوجه الذي علمهما ربهما مجترئين بلا تقصير ولا تحريف ورأى فرعون جرأتهما وسمع منهما قولهما

قالَ لهما متهكما مستهزأ فَمَنْ رَبُّكُما الذي رباكما وأرسلكما لإنجاء بنى إسرائيل من عذابي مع انى لم اعرف لك ربا رباك سواي يا مُوسى المفترى في امر هذه الرسالة المزورة

قالَ له موسى على سبيل التنبيه رجاء ان يتنبه رَبُّنَا الَّذِي اظهر الأشياء من كتم العدم وبعد ما أظهرها أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ اى مرتبته ومكانته في النشأة الاولى ثُمَّ هَدى الكل بالرجوع اليه والانقياد له في النشأة الاخرى إذ منه الابتداء واليه الانتهاء

قالَ فرعون إذا كان الكل من عند ربك فلا شك انه قد علمك أحواله فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى ما احوال الأمم الماضية هل هم مهتدون بمتابعة مثلك أم هم ضالون بمتابعة الهوى مثلي على زعمكم

قالَ موسى انا لا اعرف حالهم من الهداية والضلالة إذ عِلْمُها حاضر مخزون عِنْدَ رَبِّي لم يوح الى من أحوالهم شيء بل أحوالهم كلها ثابتة عنده سبحانه فِي كِتابٍ الا وهو حضرة علمه المحيط الأزلي على التفصيل بحيث لا يَضِلُّ رَبِّي اى لا يغيب عن أحوالهم شيء من علمه سبحانه وَلا يَنْسى هو سبحانه شيأ من معلوماته إذ علمه بالنسبة الى عموم معلوماته حضورى والعلم الحضوري لا يجرى فيه غيبة ونسيان ثم قال موسى دفعا للاثنينية الناشئة من الاضافة ربنا هو رب الكل

إذ هو القادر المقتدر الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً مكانا تستقرون فيها وتستريحون عليها وَسَلَكَ قدر لَكُمْ فِيها سُبُلًا مختلفة بعضها جبل أنتم ترتحلون اليه في الصيف وبعضها سهل ترجعون نحوه في الشتاء لتكمل استراحتكم فيها وَمع ذلك قد أَنْزَلَ لكم ايضا لتكميل استراحتكم مِنَ السَّماءِ من جانب عالم الأسباب ماءً محييا للأرض الميتة فَأَخْرَجْنا بِهِ اى انشأنا بنزول الماء فيها أَزْواجاً أصنافا مِنْ نَباتٍ شَتَّى. مختلفة

<<  <  ج: ص:  >  >>